الثوار أصحاب القضية في سوريا

TT

بددت الأزمة الأوكرانية أي أمل في إمكانية حدوث تعاون أميركي - روسيا للتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، وهو ما يجعل الولايات المتحدة بحاجة إلى استراتيجية بديلة لدعم المعتدلين السوريين القادرين على مواجهة نظام بشار الأسد الوحشي ومتطرفي «القاعدة».

وربما يسهم في إعادة التوازن زعيم المعارضة الجديد جمال معروف الذي يقود مجموعة تدعى جبهة ثوار سوريا، ويقود قوات الثوار المعتدلين شمال سوريا، وقد تحدثت يوم الخميس هاتفيا مع معروف، الذي كان قريبا من الحدود السورية - التركية. وشرح استراتيجية من شقين بدت أكثر براغماتية لم أسمعها من قادة المعارضة في الشهور الأخيرة.

يقول معروف إن قواته مضطرة للقتال بشكل متزامن ضد قوات الأسد ومقاتلي جبهة النصرة، والدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش)، المجموعتين الجهاديتين اللتين ترتبطان بـ«القاعدة». القول أسهل من الفعل، لكن معروف أنجز ذلك بالفعل في منطقته في إدلب. فقد طرد مقاتلوه قوات الأسد من معرة النعمان، في وسط إدلب في أغسطس (آب) 2011، ونجح قبل شهرين في طرد مقاتلي «داعش» من المنطقة.

وقد وسع قائد الثوار السوريين من قتاله ضد الجماعات المتطرفة، فطردت قواته «داعش» من شمال محافظة حلب وتسعى لطردهم من شرقها. وقد طردوا المتطرفين من منطقة تمركزهم في داركوش، على الحدود التركية. ولو تمكن من الحصول على المال والسلاح الكافيين لمضى لقتال المتطرفين في الشرق، في الضواحي الشرقية من حلب ثم مدن شرق سوريا في الرقة ودير الزور.

معروف، البالغ من العمر 39 عاما، مثل على الجيل الجديد من القادة الشباب للثورة السورية، فالقائد السابق للجيش السوري الحر، اللواء سليم إدريس كان رجلا رصينا وأستاذا سابقا في كلية الحرب السورية درس في ألمانيا. في المقابل لم ينل معروف قدرا كبيرا من التعليم حيث تخرج من المدرسة الثانوية وخدم في وحدة الدبابات خلال مدة خدمته على مدى عامين في الجيش السوري ثم عمل في مجال التشييد والبناء في لبنان.

يتسم معروف بخصلتين لا تتوافران في قادة المعارضة المعتدلين؛ الأولى أنه قائد ميداني ناجح، والثانية، والتي ربما تكون الأهم، هي أنه لم يتأثر بداء الطائفية التي أصابت معظم المعارضة. ويقول معروف إن معظم جنود الجيش السوري «هم أبناء سوريا» أيضا، وأنه بعد انتهاء الحرب يجب أن تكون هناك مصالحة وطنية.

وعندما سألت معروف، وهو سني مسلم، عن السوريين العلويين، قال: «كل السوريين لهم حق العيش بحرية في سوريا دون تمييز بين سني وعلوي. وبعد الإطاحة بالأسد كرئيس ينبغي محاكمة كل مرتكبي جرائم الحرب، بمن في ذلك المتطرفون السنة الذين ذبحوا العلويين، وجنود الجيش السوري الذين قتلوا السنة»، وهذه هي الرسالة التي يحتاج السوريون لسماعها، خاصة أمراء الحرب الذين أدت ممارساتهم في «المناطق المحررة» وفسادهم لأن يكسب تنظيم القاعدة مؤيدين له. وهنا يقدم معروف استراتيجيات قوية، فيقول إنه أنشأ محاكم وسجونا في المناطق التي سيطر عليها لمعاقبة المجرمين، وحاول إعادة الخدمات العامة قدر الإمكان، وحذر من أنه لن يتمكن من إعادة بناء المدارس بسبب مخاوفه من قصف النظام للأطفال المتجمعين داخل الفصول.

تدرس إدارة أوباما إمكانية توسيع مساعداتها للمعارضة المعتدلة، وتدرب وكالة الاستخبارات الأميركية نحو 250 مقاتلا شهريا في الأردن.. هؤلاء المقاتلون يعملون في الأغلب في جنوب سوريا تحت قيادة القائد العام للجيش السوري الحر عبد الإله البشير، ابن بلدة القنيطرة القريبة من الحدود الإسرائيلية. يريد مؤيدو المعارضة مضاعفة برنامج التدريب هذا عبر إنشاء معسكر في قاعدة جوية في دولة خليجية صديقة بحيث يتمكن رجال القوات الخاصة الأميركيون من تدريب وتسليح مقاتلي الجيش السوري الحر على عمليات مكافحة الإرهاب. وسيحقق هذا التدريب فائدة كبيرة في حال وافقت إدارة الرئيس أوباما على ذلك.

وسيحتاج المقاتلون السوريون المعتدلون إلى أسلحة أفضل لحماية المدنيين من قوات الأسد والمتطرفين على السواء. وقد قدمت المعارضة طلبا للحصول على المدافع الثقيلة القادرة على مهاجمة مروحيات الجيش السوري. في الوقت ذاته تبدي المملكة العربية السعودية استعدادها لتزويدهم بالأسلحة.

من جانبها فإن الولايات المتحدة محقة في قلقها من إمكانية وقوع أي أسلحة قوية في الأيدي الخاطئة، لكن جمال معروف يبدو من ذلك النوع من القادة الذي تحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى الوثوق به - لتقديم الأسلحة الكافية لحماية المدنيين السوريين وقتال المتطرفين - خلال الانتظار الطويل للتوصل إلى حل سياسي لهذا الصراع المخيف.

* خدمة «واشنطن بوست»