الدفاع عن البحار ابن ماجد

TT

تحدثنا عن التهمة الموجهة للبحار العربي الشهير أحمد بن ماجد، بالتسبب في كارثة السيطرة البرتغالية على طريق التجارة الهندي، من خلال إرشاد الغازي البرتغالي فاسكو دي غاما على طريق الملاحة في المحيط الهندي إلى شواطئ الهند التجارية.

لكن الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، يرفض هذه التهمة بشدة، ويعتبرها تشويها غربيا لصورة هذا البحار الماجد، تابعهم عليه بعض المسلمين والعرب، كما يتأسف.

مرافعة الدفاع القاسمية تقوم على تتبع أصول هذه التهمة الشنعاء، خصوصا وأنها ربطت الثمن بمقابل زهيد ووضيع، وهو شرب النبيذ البرتغالي. دفاع الشيخ القاسمي مفصّل ومكتوب، صرف فيه الباحث وقتا ومالا وجهدا، حتى أصدر في ذلك كتابا خاصا بعنوان «بيان المؤرخين الأماجد، في براءة ابن ماجد».

وخلاصة المرافعة التشكيك في رواية المؤرخ «شبه المعاصر» للقصة، وهو قطب الدين النهروالي بسبب وجود فجوة زمنية تمتد إلى نحو 80 عاما، بعد قصة لقاء فاسكو دي غاما بالملقب بـ«أسد البحار أحمد بن ماجد» (821 - 906هـ).

ثم إن المؤرخين المعاصرين للنهروالي لم يشيروا لهذا الأمر، مثل زين الدين المعبري المليباري المتوفى بعد سنة 991هـ صاحب كتاب «تحفة المجاهدين في ذكر أحوال البرتغال الملاعين». كما أن الدكتور الشيخ سلطان القاسمي بحث في الأرشيف البرتغالي، وعثر بعد جهد جهيد على يوميات رحلة فاسكو دي غاما، وليس فيها هذه التهمة «الخمرية» لابن ماجد، وذكر فيها أن دليل البرتغالي إلى سواحل الهند هو شخص مسيحي من كوجرات الهندية.

باحث آخر يقول معلقا عمّن استفظع تهمة النهروالي لابن ماجد وأن النهروالي إنما قال هذه التهمة استفظاعا لأن يتبرع بحار مسلم بدلالة جيش البرتغال الحاقد على ثغرات المسلمين، إنه يصدق هذه التهمة، وإن «الفرنجة» قد لاذوا بهذه الخدعة «اللذيذة»، عن عمد ودهاء. ويؤكد عبد الهادي هاشم في كتابه الخاص عن ابن ماجد أن من جرب خمرة البرتغاليين، إلى اليوم سيجدها لذيذة بلا شك! (تاريخ النفوذ البرتغالي في البحرين. تأليف د. فوزية الجيب. ص48).

هذه هي التهمة، وهذا هو الدفاع، وهذا هو البحر وهذا هو البحار، وهذا هو التاريخ، وتلك هي الأسرار.. قراصنة، وبحار، ومؤامرات ونبيذ، وذهب، وتوابل.. ويبقى التاريخ ثريا بالجديد رغم قدمه.