أسئلة تنتظر إجابات ...

TT

الساعات القليلة الفائتة شهدت تسارعاً في العد التنازلي لنهاية حركة طالبان، او بالأحرى لقيادتها المتمثلة بالملا عمر ومن بقي من حوله حتى آخر متر مربع من ولاية قندهار. ومما لا شك فيه ان سرعة انهيار الحركة وخصوصاً قيادتها، كانت محسوبة ومتوقعة بالنظر الى التفاوت الهائل في القوة العسكرية بين القوة العسكرية الاميركية الضاربة من جهة وقوة طالبان ومن يقاتل معها من «الافغان العرب» من جهة ثانية.

بل لقد كان مفهوماً عند اي إنسان لديه اي دراية في الشؤون الدولية والتقدم التقني والعلمي ان الحرب التي قرّرت واشنطن شنها، بهدف اعتقال حركيي «تنظيم القاعدة» او تصفيتهم، حرب جدية يتحرق السواد الاعظم من الاميركيين على شنها بمجرد توجيه البيت الابيض اصبع الاتهام الى «تنظيم القاعدة» في هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي على نيويورك وواشنطن.

وكان ايضاً مفهوماً ان واشنطن لم تكن تستهدف طالبان، كحركة وحكم في بداية الأمر، غير انها شملتها في غاياتها الحربية بعد فشل الوساطات الباكستانية معها. وربما، وهذا محض افتراض، لو تجاوبت طالبان مع وساطة إسلام آباد لما كانت افغانستان قد تعرضت للقصف المدمر الذي تعرضت له، ولكان تحقق توافق ما على تسليم قيادات «تنظيم القاعدة» تمهيداً لمحاكمتها امام القضاء. ولكن الملا عمر تجاهل انعدام التوازن في ميزان القوى والتغيّر الحاصل في المناخين الدولي والاقليمي، وفضل رمي قفاز التحدي واعداً مناصريه بنصر مؤزر على الخصم. وبالتالي كتب بيده الحكم على نظامه بالإعدام، بعدما تغاضت دول عدة على رأسها الولايات المتحدة نفسها، عن سلبيات ذلك النظام، وتجاهلت لوقت طويل الانتقادات الكثيرة التي كانت توجه إليه.

في هذه الساعات يشهد العالم النهاية الفعلية لنظام طالبان، بينما يفاوض الملا عمر على استسلامه وسلامته.

أين وقع الخلل في الحسابات؟ وهل حالة الملا عمر حالة شاذة او استثنائية في مجال الخطابات السياسية المغامرة؟

الحقيقة ان «الاستثنائية» كانت في ظروف بروز الملا عمر، وايضاً أمثاله خارج افغانستان، على مسرح السياسة. والقواسم المشتركة لهذه الظروف بين حالة قيادة طالبان، وحالة عدد من القيادات المغامرة مثلها، هي: الفوضى الداخلية التي تسمح لتلك القيادات بتقدم الصفوف، بما تولده من يأس وضيق شعبي، وعقلية الحصار التي تنعزل بصاحبها عن الحقائق المحيطة به، والأفكار المبسطة الخادعة للنفس حيال ما يدور في العالم، والاقتناع الساذج بأن اللجوء الى السلاح وحده كفيل ببناء الدول.