مطلوب حرب فلسطينية على الإرهاب

TT

بذل ياسر عرفات (72 سنة) حياته كلها من اجل حمل العالم على الاعتراف بالفلسطينيين كشعب. وهو اذا لم يتصرف بدرجة من الحزم والعنفوان ازاء التحديات التي تواجهه حاليا، فانه ربما يشهد حلم حياته، أي تحقيق الاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية، يتحطم امام عينيه.

في فبراير (شباط) عام 1996 قام اربعة من الفلسطينيين بتنفيذ هجمات بالصواريخ داخل اسرائيل على مدى تسعة ايام. حينها تحرك عرفات بحزم شديد ضد حماس والجهاد الاسلامي. وبادر باعتقال قيادات التنظيمين وتحطيم بنيتيهما التحتية. فقد كان بقاؤه نفسه يتوقف على توضيحه للجميع ان هناك سلطة واحدة. وخلال عدة شهور لم يفعل شيئا سوى اثبات هذه الحقيقة.

ان الاوضاع الحالية تفرض عليه ان يثبت ذلك مرة اخرى. وسيكون الامر اكثر صعوبة مما كان عليه عام .1996 حينها كانت اسرائيل قد انسحبت من الضفة الغربية، واغتيل اسحق رابين، مما خلق بعض التعاطف الفلسطيني مع اسرائيل. اما الآن وبعد 15 شهرا من الانتفاضة التي راح ضحيتها عدد هائل من الفلسطينيين، وفي اجواء الاحتلال الاسرائيلي المتجدد، فربما تكون منابع التعاطف قد سدت وجفت القطرات الاخيرة منه.

ومع ذلك فان على عرفات ان يتصرف. فخلال 15 شهرا سمح لأراضي سلطته ان تكون ملاذا آمنا لأولئك الذين يشنون الهجمات على اسرائيل. وكان هؤلاء يتمتعون بالحرية كلها في تخطيط هجماتهم، وصناعة متفجراتهم واختيار كوادرهم الانتحارية. وقد آن لكل ذلك ان يتوقف.

صحيح ان السيد عرفات اصبح الآن اضعف مما كان عليه، وذلك لأنه اختار ألا يضطلع بدوره القيادي. واذا شاء ان يتسلم زمام القيادة بحزم من جديد فانه قادر على خلق اوضاع تعترف بتلك القيادة وتخضع لتلك السلطة. ولن تجديه الآن انصاف الحلول، التي صارت ديدنه.

ان مقدرة اميركا على التأثير على حكومة شارون، دعك من لجمها، ستتلاشى اذا لم يكن هناك قرار من جانب السيد عرفات باعلان الحرب على حماس والجهاد الاسلامي. ويلزمه ان يقرر هنا ان السلطة الفلسطينية لن تكون ملاذا آمنا للارهابيين. ويلزمه كذلك الكف عن اضفاء هالات المجد على الانتحاريين، بتسميتهم بالشهداء. وعليه ان يدلل على انه لا يوجد بين جميع المبررات ما يبرر الارهاب.

وربما يكون واضحا ان سلطة عرفات بين الفلسطينيين، نابعة من ان المجتمع الدولي ما يزال يعترف به ممثلا لهذا الشعب. واذا اختار ألا يتصرف فانه يعرض سلطته للخطر ويفتح الابواب لظهور مجموعات صغيرة من المنشقين الذين لن يروا اية مزية في الاستماع اليه والائتمار بأمره. وعلى الرئيس جورج دبليو بوش، ان يبلغ عرفات ان اميركا اذا لم تشهد اعمالا ملموسة، خلال الاسبوع المقبل، تضع حدا لسياسة الملاذ الآمن، فانها ستجمد علاقاتها معه شخصيا ومع السلطة الفلسطينية.

ان الحرب الفلسطينية ضد الارهابين الفلسطينيين، هي الطريق الوحيد لانقاذ السلطة الفلسطينية ووضع الاساس للمبدأ الاساسي لعملية السلام: تحقيق الامن للاسرائيليين، وانهاء التحكم الاسرائيلي في حياة الفلسطينيين.

* دينيس روس هو المبعوث الاميركي للشرق الأوسط في ادارة الرئيس كلينتون ـ خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»