الشعراء في إخوانياتهم

TT

العتاب من الكلمات العربية التي ليس لها مرادف وتبقى في اللغة الانكليزية، اقرب الكلمات اليها Complaint ولكنها اقرب الى معنى الشكوى. وكلمة Censure تعني الملامة. السبب في غياب «العتاب» هو ان الانكلوسكسون قلما يمارسون هذا النوع من السلوك بين الاصحاب. اذا اسأت لاحد منهم يقاطعك ويتحاشاك، او يؤنبك ويطلب منك الاعتذار. لا يسترسلون في الامر ويغمرونه بالانين والالم والقال والقيل، مما يعجبنا ونستمتع به، بل ونعتبره من اركان الصداقة والاخلاص والمحبة.

امعن بهذا النهج بصورة خاصة الشعراء حتى حصلنا على فصيلة كاملة من الشعر باسم «باب العتاب». اوغل فيها بصورة خاصة في العصر الحديث حافظ ابراهيم الذي لقي ما يكفي لاثارة حساسيته المفرطة. كان منها قصيدة طويلة نظمها في معاتبة محمد سليمان اباظة، اقتطف منها هذه الابيات:

أبيتُ اسألُ نفسي كيف قاطعني هذا الصديقُ وما لي عنه مُصطبرٌ فما مُطوقةٌ قد نالها شرَكٌ عند الغُروبِ اليه ساقّها القدرُ باتتْ تُجاهدُ همّا وهي آيسةٌ من النجاةِ وجُنحُ الليلِ معتكرُ وباتَ زُغلولُها في وكرها فَزِعاً مُروّعاً لرُجوعِ الامِّ ينتظرُ يُحَفز الخوفُ أحشاهُ وتُزعجُه اذا سرتْ نسمة او وسوَسَ الشجَرُ منّي بأسوَأَ حالاً حين قاطعَني هذا الصديقُ فهّلا كان يَذكِرُ يابنَ الكِرامِ أتنسى أنني رَجُل لِظِلِّ جاهِكَ بعدّ اللهِ مُفتقِرُ إنّي فَتاكَ فلا تَقطَعْ مُواصلتي هبني جَنَيتُ فقُلْ لي كيفَ أعتَذِرُ؟ انشغل عنه جمع من اصحابه في الجري وراء الكسب والمال، وما شاعر النيل، بالشاعر المرتجى في ذلك فتناساه الشعراء واهملوه، فعاتبهم بهذه الابيات:

تناءيت عنكم فحلّت عرا وضاعت عهود على ما ارى واصبح حبل اتصالي بكم كخيط الغزالة بعد النوى وقد زال ما كان من الفة وود زوال شهاب الدجى كأن بقاء الوفا بينكم وبيني بقاء الحيا سكنت اليكم ولم تسكنوا اليّ وقد كنت نعم الفتى ونفسي فريقان هذا به مزجت الوفاء، وذاك الندى اصبتم تراثا والهاكم التـ..

..كاثر عنا فسرّ العدا ومن كان ينسيه اثراؤه صديق الخصاصة لا يصطفى وقد بلغه ان الشيخ محمد عبده قد استاء منه وراح يتحاشاه وكان من المعجبين والملازمين له، فبعث اليه بهذين البيتين:

لقد بت محسودا عليك لانني فتاك، وهل غير المنعّم يحسد فلا تبلغ الحساد مني شماتة ففعلك محمود وانت «محمد»