مافيا هدم الفيللات في مصر!

TT

استغلت مافيا هدم التراث المصري الفوضى الأمنية التي تعانيها البلاد بفعل المحاولات الدؤوبة من عصابة الإخوان الإرهابية لحرق مصر عملا بتهديدهم الشهير «يا نحكمها يا نولعها»، ونشطت مافيا الهدم وقامت بمحو مئات الفيللات ذات الطرز المعمارية المتميزة، وذلك تحت سمع وبصر أجهزة الدولة المصرية!! الغريب أن الدولة عندما تحركت أخيرا لإزالة مبان حديثة مخالفة لكل القوانين بمنطقة المعادي بالقاهرة وجدنا أصواتا تعلو ضد الدولة بدعوة إهدار المال تارة أو تشريد العائلات تارة أخرى! بينما لا نجد صوتا واحدا يدافع عن الفيللات التي تهدم لتقام على أرضها ناطحات سحاب إسمنتية قبيحة!

إن الفيللات والقصور التي تم هدمها ضاع معها جزء مهم من تاريخ العمارة المصرية ومن تاريخ مصر الحديث.. لقد محونا التاريخ من أجل مكاسب مالية لمافيا تعمل بكل همة للقضاء على تراثنا المعماري. ولا يزال مسلسل الهدم مستمرا بمدينة القاهرة العريقة التي تنزف يوميا من تراثها المعماري، وفي الإسكندرية تم هدم 117 فيللا ذات طرز معمارية مختلفة لا تجد مثيلا لها الآن سوى في المدن الإيطالية والفرنسية وغيرها من مدن أوروبا التي نجت من حربين عالميتين.

لقد قمنا في الماضي غير البعيد بحصر كل المباني من قصور وفيللات واستراحات، التي يجب حمايتها والحفاظ عليها بموجب قوانين تحمي التراث المعماري المصري حتى وإن لم تكن مسجلة على قوائم الآثار أو حتى التي لم يمر عليها مائة عام؛ فيكفي تمتع المبنى بطراز معماري مميز يحدده المتخصصون لكي يتم الحفاظ عليه وعدم هدمه.

أعلم تماما أن سنة الحياة هي التطور، ولكن هل هدم الأشياء الجميلة وإحلال القبيح مكانها هو هذا التطور المنشود؟! بالطبع لا. ولمن يسأل عن كيفية الحفاظ على هذه الفيللات والقصور وأصحابها في الغالب لا يملكون هذه التكلفة في حين بيعها لمافيا الهدم يدر عليهم الملايين؟ أقول إن الحل بسيط للغاية؛ إما أن تؤسس الحكومة أو القطاع الخاص شركة لإدارة العمائر التراثية تقوم بشرائها من أصحابها الراغبين وإعادة تأهيلها والحدائق الخاصة بها وتشغيلها في نفس أغراض السكن.. وبالتالي نشجع سياحة الأثرياء وتستقبل مصر نوعا جديدا من السياح الذين يرغبون في الإقامة وعائلاتهم في فيللا صغيرة أو حتى قصر كبير.. وبعض الفيللات والقصور يجب أن تتحول إلى متاحف مفتوحة للناس ليروا تاريخا لم يعيشوه.. إنني أتوجه إلى عائلة ساويرس المصرية أن تتبنى هذا المشروع القومي الذي سيحمي تراثنا المعماري من الضياع.. إننا لا نبكي ونشجب ونهتف، ولكننا نقدم الحلول ونفتح عقولنا وقلوبنا للحوار والنقاش من أجل حماية تراثنا من الزوال.