«سينما المرأة» في مهرجان مسقط!

TT

قبل يومين انتهت فعاليات مهرجان «مسقط السينمائي الدولي» في دورته الثامنة، وهو أقدم مهرجان خليجي حيث يعقد مرة كل عامين وانطلق قبل 14 عاما من خلال جمعية السينما العمانية التي يقودها الدكتور المخرج خالد الزدجالي، بإمكانيات مادية محدودة ولكن بإرادة وخيال وطموح يتجاوز كل الحدود، تكتشف روح وثابة تسري بين أعضاء الجمعية فهم الذين يتولون كل التفاصيل من استقبال الضيوف وتوصيلهم إلى دور العرض حتى وداعهم في المطار، لا يوجد رئيس ومرؤوس الكل جاء من أجل هدف واحد وهو إنجاح هذه التظاهرة.

وفي الفعاليات أقيمت بالإضافة إلى عروض الأفلام من مختلف دول العالم ورش فنية تناولت النقد والتصوير والسيناريو والتمثيل، كانت لدينا أيضا الندوات وأتوقف أمام واحدة التي صارت عنوانا دائما في الكثير من المهرجانات المماثلة «سينما المرأة في الدول العربية»، شاركت فيها آسية البوغلي من سلطنة عمان وليلى حجيج من تونس وآسيا الريان مديرة مهرجان سينما المرأة بهولندا ومن فلسطين الممثلة نسرين فاعور والمطربة لطيفة، والحقيقة أنني ممن لا يؤمنون بتلك القسمة في الإبداع بين المرأة والرجل، المرأة صار لها حضور طاغ في كل المهرجانات وتعددت أسماء مثل نادين لبكي لبنان وهيام عباس فلسطين وليلى مراكشي المغرب وهيفاء منصور السعودية ونادين خان مصر وغيرهن، كان للسينما العربية حضور مميز في ترشيحات الأوسكار النهائية هذا العام بثلاثة أفلام بينها «الميدان» جيهان نجيم مصر و«ليس للكرامة جدران» سارة إسحاق اليمن!!

المرأة هي مفتاح قراءة السينما.. من خلال الملامح الدرامية التي ترسم للمرأة في الأفلام تتحدد صورة ذهنية تقفز فوق الكادر السينمائي لتستقر في ضمير المجتمع باعتبار أنها واقع يعيش ويتنفس في الشارع، والحقيقة أن هناك خيطا مشتركا بين الصورة في السينما وحقيقة الواقع في الحياة. السينما تؤخذ من الواقع وتضفى عليها تفاصيل كثيرة حتى تجسد عن طريقها خيال الناس، ثم تُصدر لهم هذه الصورة في أفلام يبدأون بدورهم في البحث عنها في الحياة.. لا تستطيع أن تحدد على وجه اليقين من المرسل ومن المستقبل، لأن العلاقة في حالة جدل يختلط فيها دائما المنبع والمصب حيث يصبح المنبع مصبا والمصب منبعا.. تتدفق منه المياه مرة ويحتضن المياه مرة، ويلعب الدورين على طول الخط!

ربما كانت السينما المصرية هي الوحيدة في العالم التي نجد فيها أن المرأة كانت أكثر جرأة من الرجل في اقتحام هذا المجهول، ولهذا كانت الريادة لعزيزة أمير وبهيجة حافظ وفاطمة رشدي وأمينة محمد وآسيا وماري كويني. في البداية كان المؤرخون ينسبون لهن إخراج عدد من أفلامهن الأولى بعد ذلك تشككوا في مصداقية مطلقة لهذا النسب، وظهرت أسماء رجال تولوا بعض المسؤولية من الباطن مثل «وداد عرفي» و«استيفان روستي» و«أحمد جلال» و«أحمد بدر خان».. ربما هناك استشارات فنية من الرجال لكن لن يجرؤ أحد على أن ينزع عنهن صفة الجرأة والاقتحام حيث لعبت المرأة دور البطولة أمام وخلف الكاميرا!

وفي إطلالة سريعة على المرأة الحلم في السينما نجد الكثير من الأسماء التي شغلت خيال الناس في مراحل مختلفة مثل ليلى مراد وفاتن وسعاد، ولا تستطيع أن تعزل العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والسيكولوجية عن هذا الاختيار، لأن الناس في حالة بحث عن ملامح هذه المرأة الحلم، يعيشون معها فترة من الزمن ثم يستبدلونها بعد استيقاظهم بحلم آخر!

إلا أن الإبداع يظل متجاوزا تلك القسمة التعسفية بين المرأة والرجل ويظل أيضا في الذاكرة هذا المهرجان الذي ينمو ويتطور ويتطلع للغد بخطوات واثقة.