اعتداءات إسرائيل وتناقضاتها

TT

ليس هناك ابرز من التناقضات الملابسة لما يحدث على الارض الفلسطينية من جانب الدولة الاسرائيلية، فعلى الرغم من ان الانتفاضة الاخيرة بدأت عقب زيارة عدوانية مخططة قام بها شارون للمسجد الأقصى متحديا بها المشاعر الفلسطينية، وبالفعل تحقق له ما اراد من اثارة الشعب الفلسطيني والرأي العام العربي والمسلم، لم تتعامل اسرائيل اثناء حكومة باراك السابقة باسلوب عقلاني بل راحت تقتل الفلسطينيين العزل وتزيد الانتفاضة اشتعالاً. وعندما جاء شارون الى السلطة راح يكمل خطته العدوانية القائمة على سحق الارادة الفلسطينية بزعم تحقيق الامن لاسرائيل. ومع ان هذا الامن المزعوم لم يتحقق وفق سياسة شارون وحساباته الخاطئة، الا انه راح يوسع من نطاق عدوانه بطريقة مثيرة للدهشة مستعملا المروحيات والصواريخ والدبابات وكل الاسلحة الثقيلة التي تملكها اسرائيل وكأنه يدخل حربا ضد دولة كبرى. ومجافيا لأي حرب شريفة، راح شارون يضرب الاطفال والنساء والمدنيين عامة لمجرد القتل، ومن المؤكد أنه يعرف ان رد فعل الشعب الفلسطيني من الضروري ان يكون عنيفا، اذ انه رد فعل من يوضع وجها لوجه امام موت محقق وامام سياسة بعيدة المدى ترمي الى تصفية وجوده الاجتماعي بل كيانه المادي جميعا. وبهذا تستكمل الدائرة وتظل رحى القتال قائمة الى ما لا نهاية وتفشل جميع الجهود المبذولة من اجل السلام، بل تصبح هذه الجهود مسألة شكلية تعرف جميع الاطراف انها ليست جادة وان تصفية الشعب الفلسطيني تظل قائمة من دون ان يعترضها احد من المجتمع الدولي. وعندما وصل العدوان الاسرائيلي الى الذروة واصبح يحدث كل يوم، لم يستجب شارون لأي ضغط دولي من هذه الجهة او تلك، بل طلب اولا ان تقوم السلطة الفلسطينية بالقبض على مسببي الهجمات الفلسطينية، وبدلا من ان يعطي الفرصة للرئيس عرفات والسلطة الفلسطينية لضبط الامن راح يشن الغارات على جهاز الامن الفلسطيني نفسه، وعلى الادارة الفلسطينية بشكل عام، اي انه في الوقت الذي يطالب فيه هذه الادارة بالقبض على الناشطين الفلسطينيين يقوم بضربها وشل حركتها وتعجيزها عن اتيان اي فعل في اتجاه وقف العمليات العسكرية. من الواضح ان شارون يهدف الى تدمير كل محاولات السلام بشكل نهائي وأن التناقضات السافرة التي تظهر للرأي العام العالمي لا تلقى اي اعتبار من جانبه وهو لا يلغ في دماء الشعب الفلسطيني فقط بل في قلب الحقائق وكل القيم الانسانية.

في هذه الفترة الحرجة لا بد ان تدرك القوى الفلسطينية بكل فرقها ان وحدة الشعب الفلسطيني هي اهم الان اكثر من اي وقت مضى، وان التصدي لمخطط شارون وتفويت الفرصة عليه لاشعال حرب اهلية بين الفلسطينيين هو الهدف الاسمى. وليس صعبا على الشعب الفلسطيني ان تتماسك قواه المختلفة وأن تفضح للرأي العام العالمي حقيقة الموقف الاسرائيلي بالنسبة للسلام.