الأفغان العرب... متهمون وضحايا (1)

TT

قلبي مع أمهات عرب في مصر والسعودية والأردن وموريتانيا والكويت واليمن وغيرها من بلاد العرب وهن متسمرات امام التلفزيون، او منتظرات لرنين الهاتف بحثا عن خبر حول أبنائهم الغائبين في أفغانستان. قلبي على أمة ارضها محتلة، وعدوها يمارس كل انواع الاذلال لها، بينما تضيع بوصلة عدد من أبناء هذه الأمة فيدخلون في حرب عدمية فوق اراضي أفغانستان وفي حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل بينما تحتل ارضهم وتنتهك مقدساتهم!! كثيرون يتساءلون، لماذا يترك هؤلاء الشباب المتحمس بيته وأهله، ووطنه وقضيته ويذهب الى أفغانستان ويدخل طرفا في حرب بين مسلمين، ويتحولون الى مطاردين من كابول الى مزار الشريف الى قندهار ثم الى المجهول.

اسباب كثيرة متداخلة لعبت دورها في هذه المأساة الانسانية، لكن واحدا من اهم تلك الاسباب في رأينا هو السماح للفكر المتطرف بالتسلل الى مواقع التعليم والاعلام والمساجد، وترك هذا الفكر يلعب بعقول الشباب في ظل غياب للفكر الاسلامي الوسطي المستنير، ويترك هؤلاء الشباب ضحايا من وصفوا انفهسم زورا وبهتانا امراء للمسلمين، ولمن سمحوا لأنفسهم، او سمحنا لهم بأن يمارسوا الفتوى من دون علم، وبأن يوزعوا فتاواهم على الناس من دون ان يوقفهم احد، وهم لم يتعلموا ولم يتتلمذوا في مدرسة، يهرفون بما لا يعرفون، ويفتون وهم جهلاء بالدين وبشروط الفتوى.

حين يقال لشاب صغير من قرية عربية متحمس لدينه، بأن التلفزيون حرام ويقرأ فتوى تكفر من يضع «الدش» فوق سطح منزله، وحين يتم تكبير الصغائر وتضخيمها، وانكار كل جوانب الخير والمحبة في مجتمعاتنا، حين يقال لهذا الشاب المتحمس بأن المرأة اذا انكشف شعرها دخلت النار، ويقال له ان الله شديد العقاب دون ان يقال له ان الله واسع المغفرة، وحين يقرأ شباب صغار «معالم في الطريق» لسيد قطب ويقال لهم ان مجتمعهم كافر، وان أهلهم خارجون على الله، وان الحكام كلهم كفرة، وحين يأتيني احد طلبتي باكيا ليقول ان اخوانه الصغار يفرحون لسفر ابيهم لأنهم يتمكنون من مشاهدة التلفزيون عند الجيران، وحين يسمع الشباب في خطبة الجمعة «اللهم أهلك النصارى وشتت شملهم واحرق زرعهم، واجعل نساءهم سبايا للمسلمين»، فما الذي تتوقعه من هؤلاء؟

وللحديث بقية.