الشعب «لا يزال» يريد إنهاء الانقسام

TT

لم يشكل بيان اتفاق وفدي حماس والمنظمة، والذي تلاه إسماعيل هنية، في غزة أمس، أخبارا مثيرة للشعب الفلسطيني الذي يتطلع بشوق ولهفة للوحدة الفعلية وليس لتكرار أخبار عن اتفاقات لا يتم تطبيقها، إذ لا يوجد سبب لدى أي منا للاعتقاد أن حظ هذا الاتفاق في التطبيق يختلف عن الاتفاقات السابقة.

وما يعزز هذا الاعتقاد أن نصوص هذا الإعلان تتعلق بتطبيق ما تم الاتفاق علية ولم ينفذ سابقا، دون الإجابة عن سؤال لماذا لم تطبق حتى الآن؟ وإذا كانت هناك أسباب لعدم تطبيقها حتى الآن فما الذي يدعو للاعتقاد بإمكانية تطبيقها الآن؟

بمعنى آخر، إن الاتفاق الجديد لم يأت على معالجة تلك العقبات التي حالت دون تطبيقه حتى الآن.

على سبيل المثال لا الحصر، كان موعد إجراء الانتخابات، أي مدة عمل حكومة التوافق الوطني، نقطة خلاف حول تطبيق الاتفاقات السابقة، هذا الاتفاق تضمن نصا فضفاضا هو «.. ويخول الرئيس بتحديد موعد الانتخابات بالتشاور مع القوى الوطنية على أن يتم إجراء الانتخابات بعد ستة أشهر على الأقل»، وبالتالي فالنص يتطلب اتفاق القوى، ويحتمل أن يكون في أي مدة زمنية من ستة أشهر فما فوق.

وقد فتح عدم إزالة هذا الاتفاق للعقبات التي حالت دون تطبيق الاتفاقات السابقة، التي بني عليها هذا الاتفاق، البابَ على مصراعيه لتحليلات وتفسيرات حول سبب توقيت هذا الإعلان، وكذلك نتائجه.

فقد ذهب بعض التحليلات لربط توقيت هذا الإعلان بفشل المفاوضات، وبالتالي حاجة القيادة الفلسطينية للعب أوراقها الأخرى تكتيكيا، ومنها المصالحة والتدويل.

بينما ذهب البعض الآخر لربط هذا التوقيت بتفاقم مشكلة تآكل الشرعية التي نتجت عن عدم إجراء انتخابات لمدة طويلة، إضافة للشلل التام للمجلس التشريعي المنتخب.

المفارقة هنا أن إعلان المصالحة الأخير الذي يشكل مكسبا كبيرا ومفرحا للشعب الفلسطيني في حالة تطبيقه، يمكن أن يكون هدية مجانية لإسرائيل في حالة عدم تنفيذه، والسبب أنه، إذا بقي إعلانا من دون تطبيق، فإنه يسهم في إخراج نتنياهو من مأزقه الدولي الحالي غير المسبوق.

أكثرية الشعب الفلسطيني عبّرت بطرق مختلفة، بما فيها استطلاعات الرأي العام، عن الرغبة الشديدة في الوحدة الوطنية، كذلك يجمع السياسيون والمحللون على أن الوحدة شرط مسبق لتحقيق هدف الدولة المستقلة، وحل الدولتين الذي تسعى له المفاوضات، كذلك فإن قيادتي فتح وحماس بحاجة لعملية مصالحة، فتح بسبب تعثر عملية السلام، وحماس بسبب خسارة معظم حلفائها، ولكنّ كليهما يجد صعوبة في دفع فاتورة المصالحة السياسية المالية، فهل سوف نشهد انخراطا في كثير من عملية المصالحة وقليل من المصالحة شأننا في ذلك شأن عملية السلام؟

* نائب رئيس جامعة بيرزيت وأستاذ الدراسات الثقافية فيها، تولى عدة مناصب وزارية في السلطة الفلسطينية.