الأفغان العرب.. متهمون وضحايا (3 ـ 3)

TT

قلنا ان هناك من دفع شبابنا وحرضهم ضد اهلهم وأوطانهم وزيّن لهم القتل وسماه بالجهاد في سبيل الله. وقلنا ان فكر التطرف يتسلل من برامج التعليم والاعلام والمساجد. وقلنا ان هؤلاء الشباب وجدوا في كهوف افغانستان هروباً مما يعتقدونه المجتمعات الكافرة، والحرب ضد الاديان الاخرى وسيلة لجهاد مزعوم، وقلناان ظهور جماعات الاسلام السياسي، وامراء جماعات مزعومين، ومراهقين تحولوا الى مفتين وشيوخ دون علم، وقلنا ان تحريم ما أحل الله، والبحث عن كل شواذ والمبالغة فيه، وغض النظر عن جوانب الخير في مجتمعاتنا هو ما جعل كثيراً من الشباب والمراهقين يشعر بالغربة والضياع.

قلنا ذلك، وقال غيرنا مثله وكثيراً، ولكننا نواجه الان حقيقة مرّة تستحق الا نكتفي بالتنظير في التعامل معها، فهناك مئات الشباب من الافغان العرب ومعهم زوجات واطفال ومراهقون، منهم من قتل ومنهم من سجن، ومنهم من هام على وجهه، ولدينا مئات العائلات البريئة تنتظر خبراً عن ابن انقطعت اخباره، او بنت لحقت بزوجها وهو يجري وراء الوهم، وهناك موجة من الكراهية داخل افغانستان لكل ما يمت للعرب بصلة، وهي امور تستحق تحركاً عربياً لانقاذ ما يمكن انقاذه.

هناك زعماء ومحرضون وقتلة، وهؤلاء لا بد من ان يأخذوا ما يستحقونه من عقاب، ولكن هناك اغلبية من الشباب الذي تورط في لغم الجهاد الافغاني ووجد نفسه تحت تحريض بعض القادة والسياسيين الذين اقنعوهم بالجهاد، بينما ظلوا يتنعمون في حياتهم رغم انهم يقرأون الآية القرآنية التي تصف المنافقين «فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون». وهؤلاء الشباب لا بد من العمل على انقاذهم، والحوار معهم واعادتهم الى جادة الصواب بعد عمليات غسل الدماغ التي تعرضوا لها واصبحوا ضحاياها.

ملف افغانستان انفتح على مصراعيه، وانفتح معه ملف التطرف، والانفلات باسم الدين، والقتل باسم الجهاد، فهل نتعلم في اوطاننا كيف نعيد الاعتبار للفكر المستنير، وللدين النقي من السياسة، ام اننا لن نتعلم من تجربتنا المرة ونبحث في الوسائل الكفيلة لحماية شبابنا ومراهقينا من التطرف والغلو الذي قاده وحرض عليه مجرمون وشواذ، وكان ضحيته شباباً في سن الزهور تحولوا الى ضحية تسييس الدين، والعبث بما هو مقدس، وضحية للقراءات الشاذة للكتاب والسنّة. هل نتعلم.. ام نكرر اخطاءنا ببلاهة؟ هذا هو السؤال.