في ذكرى البيعة

TT

احتفلت المملكة العربية السعودية قبل أيام بمرور تسعة أعوام على بيعة الملك عبد الله بن عبد العزيز. وتلفت الخطوات الإصلاحية التي خطتها المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الأنظار وسيكون لها وقع كبير على مسيرة هذا الشعب؛ فهناك الآن عشرات الألوف من المبتعثين السعوديين الشباب يدرسون ويتأهلون ويتعلمون مما يجدون حولهم في شتى الدول. ولا شك في أنهم ما إن يعودوا لوطنهم حتى يلمس الجميع آثار ما تعلموه. وأستطيع أن أتصور التحول الذي سيجري في المملكة على أيديهم وبتأثيرهم.

مست الإصلاحات التي شهدناها في السنوات الأخيرة مكانة المرأة في المجتمع. لقد دخلت حتى مجلس الشورى، حيث خصص لها ثلث عضوية المجلس. وأصبحت تدير وتشارك في شتى المؤسسات والشركات التجارية والصناعية، بل وقامت بعضهن بتشكيل شركاتهن الخاصة التي حققت نجاحا كبيرا. ونسمع مرارا عن شتى المؤسسات الجامعية والمعاهد العلمية التي افتتحت لهن، بحيث أصبح للمرأة وجودها في سائر القطاعات المهنية بما فيها الأعمال الهندسية والمحاسبات، ناهيك بالطب والفنون والتربية.

كثيرا ما أشاهد في لندن بعضهن في شتى الندوات والمجالات العلمية والأدبية والفنية، بما في ذلك الاشتراك في المعارض الفنية والندوات الشعرية والأدبية.

الإعمار على قدم وساق في المملكة، ومن آياته التوسعات المعمارية الرائعة للأماكن المقدسة وكل ما يرتبط بعمليات الحج والعمرة. ولا ينفك العمل في بناء المزيد من المعاهد الدراسية والجامعية ومكاتب الأبحاث في شتى المدن.

تبنى الملك عبد الله بن عبد العزيز سياسة الاعتدال التي أدت إلى تجريم شتى المنظمات المتشددة والعنفية كالإخوان المسلمين وتصنيفها منظمات إرهابية. وجرّمت المملكة الاشتراك في مثل هذه التنظيمات بمعاقبة عناصرها بالسجن. وهذه خطوة مهمة في محاربة الإرهاب، سعيا للحصول على الاستقرار والأمن الشامل لعموم المنطقة، بل والعالم ككل. فالسعودية الآن في عهد خادم الحرمين الشريفين أخذت على عاتقها دور توجيه سفينة الشرق الأوسط، وذلك بفضل حكمة سياسته واعتدالها ودقة استعماله لثقل المملكة العربية السعودية ومكانتها. وبتوجيهاته الخاصة، جرى تنقيح الكثير من سنن الحياة السعودية والارتقاء بالأوضاع القانونية بما يتماشى مع روح العصر ولا يتناقض مع الشرع.

وتذكرني السياسة الحكيمة للعاهل السعودي بالمثل الإنجليزي «احذر من قلب عربة التفاح». وكلما أسمع سعوديا يقول: «حفظه الله»، أفهم تماما دقة ما يعنيه. فكل هذه الإصلاحات وهذه الخيرات مرتبطة بسياساته ومبادراته. ولا أشك في أن الكثير والمزيد ما زال في ذهن خادم الحرمين الشريفين ينتظر دوره فيجعلنا جميعا ندعو له بطول العمر ودوام العافية ليكمل رسالته.