أعيدوا لنا بناتنا

TT

إنه الهاشتاغ الذي يشغل العالم الآن # Bring Back Our Girls، بعد أن خطف مرتزقة «بوكو حرام» في نيجيريا عشرات الفتيات، وتعهد زعيم الجماعة بأنه سيبيع المخطوفات الصغار في سوق نخاسة.

أتى الخبر فجا صادما، لكن ردود الفعل بداية لم تكن بحجم الحدث، خصوصا ردة الفعل العربية والإسلامية، التي كانت دون مستوى الجريمة.

يمكن القول إن أياما عديدة مرت قبل أن تصبح محنة الفتيات محور اهتمام الرأي العام، لكن الأمر تغير في الأيام الأخيرة، بعد أن تعاظم الانتباه، فأثمر كرة ثلج عبر هاشتاغ في «تويتر» يقول: «أعيدوا لنا بناتنا»، وها هو العالم يتفاعل إلكترونيا، والجميع يدلي بدلوه.

لكن، هل يمكن لهاشتاغ أن يعيد الفتيات المخطوفات اللواتي جرى سوقهن إلى مناطق حدودية نائية، ولا أحد يدري إن كان بوشر ببيع بعضهن، أو جميعهن، أو ماذا حل بهن؟!

لا شك أن المواجهة مع مرتزقة خطفوا فتيات من مدرستهن لزعمهم بأن تعليم البنات حرام، يجب أن تكون حاسمة ومباشرة وغير متلكئة، لكن ما الذي يمكن لحملة عبر هاشتاغ أن تقدمه في حالة نافرة وخطرة، كحالة خطف الفتيات. فالسلطات النيجرية ضعيفة، وينخرها الوهن، وتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية تردي الوضع وتعاظم قوة ودور جماعة «بوكو حرام»، لذا فإن الاعتماد عليها لا يبدو سليما في هذه الحال.

أما الحكومات الغربية، فبدأت تحت ضغط الرأي العام بالتحرك، دون أن يعني أن إرسالها لفرق أمنية نتيجة مباشرة إيجابية.

هنا، يبدو مشهد فتيات مرتعبات في مناطق وعرة مع مرتزقة قتلة، في مقابل مشهد أفراد صادقين من حول العالم يتجمعون حول هواتفهم أو حول حواسبهم يحتسون القهوة، ويتابعون أخبار القضية، والمشاركة برأي أو صورة أو تعليق غير متكافئ، وفيه شيء من السذاجة.

أقول ذلك، وأنا أدعم بصدق هذه الحملة، وكل ما هو متاح من وسائل لإبقاء القضية حية ولإعادة الفتيات، لكن التجربة علمتنا أن الاهتمام العالمي سيذوي سريعا، وأن طول مدة الأزمة سيدق في الحماسة إسفينا سبق أن طال كثيرا من القضايا والظلامات، ولنا في الانكفاء العالمي عن الموت السوري خير دليل.

في عام 2012، انشغل العالم أيضا بحملة إلكترونية ضد «جوزيف كوني» المرتزق أيضا، الذي ارتكب فظاعات في أوغندا، فكانت حملة عالمية ضده.. وها قد مر أكثر من عامين، ذوت الحملة، ولا يزال كوني حرا طليقا يمارس فظاعاته.

الأرجح أن «بوكو حرام» لن تتأثر بالحملة وبالهاشتاغ وزعيمها، الذي ظهر شبه فاقد العقل والتوازن والإحساس في الفيديو، الذي هدد فيه ضاحكا بأنه سيبيع الفتيات، قد يقدم على ما لا نود تخيله، ونرجو بصدق أن لا يحصل.

لكن الحملة موجهة إلى الحكومات.

فنحن لا ننتظر أن تقود صور «السيلفيز» والهاشتاغات إلى تغيير اجتماعي لوحدها، فمن يفعل ذلك هو الضغط الحكومي، لكن حكومات العالم تستمع وتتصرف حين يتحدث عدد كاف من الناس، ويعبروا عن موقف.

قوة الـ«سوشيال ميديا» هي المشاركة والاستمرارية، وذلك التجمع الفريد لأصوات من مختلف أنحاء العالم، وهذا ما يجعل من الصعب تجاهلها.

هل ستقود الحملة إلى عودة الفتيات؟! ليس لنا سوى أن نرجو ذلك.

diana@ asharqalawsat.com