الهروب من المكالمات المزعجة!

TT

إحدى المشاركات في ورشة عمل عن التواصل قدمتها باللقاء العائلي لأسرة عبد اللطيف العيسي للسيارات بالسعودية، سألتني عن معضلة نعاني منها جميعا، وهي استرسال المتصل في التحدث هاتفيا مما يهدر أوقاتنا وطاقاتنا. فتذكرت أطرف اقتراح قرأته في كتاب شهير عن تنظيم الوقت حينما اقترح مؤلفه أن تغلق السماعة في وجه المتصل! لكنه كان يقصد أن «نغلق الخط» في أثناء تحدثنا نحن وليس أثناء تحدث الطرف الآخر، حتى نعطي انطباعا بأن الخط قد انقطع فجأة! وينصح بمعاودة الكَرّة ثم نقرر بعدها ما إذا كنا سنعاود الاتصال به أم نكتفي برسالة تخبره بأننا سنهاتفه لاحقا.

مع أنني لا أفضل هذا الأسلوب في ظل وجود بدائل كثيرة، فإنه يبدو أن هناك من يستخدمه بالفعل لا سيما ممن بلغ بهم السيل الزبى من المتصل المهذار. ومن الطرق التي نحفظ بها أوقاتنا مثلا، استخدام أسلوب الاختصار لإنهاء المكالمة كأن نقول: «إذن تقصد المطلوب مني أن أفعل كذا وكذا» أو «إذن اتفقنا أنت تفعل كذا ونحن نفعل كذا» وهي إشارة إلى أننا وصلنا إلى نهاية المكالمة. ومن الطرق الناجحة استخدام الإجابات المختصرة أو التظاهر بالأكل بصوت مسموع!

ويمكن استخدام أسلوب المباشرة في الطرح كأن ننظر مثلا للساعة ونقول: «الساعة الآن العاشرة والنصف ولدي اجتماع بعد نصف ساعة» وهي إشارة إلى أنه ما زال في الوقت متسع كاف للحديث. ومن المباشرة أن نبدأ فورا بالموضوع حتى لا تتشعب المواضيع، فبعض الناس يرحب بك بديباجة مطولة تصل إلى نحو 300 كلمة (صفحة كاملة) قبل أن يبدأ بالموضوع! وكثيرا ما نلاحظ أن للصراحة تأثيرا فعالا في المكالمات المطولة كأن نعتذر لارتباط آخر لا سيما حينما نكتشف أن المتصل ليس لديه شيء محدد يقوله.

وفي استطلاع للرأي أجريته على مجموعة من العرب، ونشرته في أحد كتبي، سألتهم ما أكثر أربع مشكلات تواجهكم أثناء التحدث عبر الهاتف فجاءت «الإطالة في الحديث من قبل المتصل» في المرتبة الأولى بنسبة 51 في المائة، بعدها «عدم وجود هدف واضح من الاتصال» بنسبة 20 في المائة.

نستطيع القول إن وفرة الاتصالات الهاتفية الجوالة صارت تستقطع جزءا لا يستهان به من ساعات اليوم المحدودة أصلا، ولذا لا نلوم أولئك الذين يخصصون «قائمة للاتصالات الهاتفية» وهو ما يتماشى مع التوجه الحديث في إدارة الوقت بتجميع الأعمال المتشابهة على أن نبدأ بالأهم.

أذكر أنني قرأت نصيحة اقترحها المذيع المخضرم في قناة سي إن إن الإخبارية لاري كينغ في كتابه الرائع «كيف تتحدث إلى أي شخص في أي وقت وأي مكان؟» حيث قال إن أفضل حل للهروب من النقاش الممل هو أن تعتذر بالذهاب إلى دورة المياه! ولكن إن لم تنجح هذه الحيلة فليس أمامنا سوى مقترح إغلاق السماعة، وأرجو ألا أكون أنا الضحية المقبلة!

[email protected]