اقتصاديات المناخ الغريبة

TT

أينما نظرت هذه الأيام تجد الماركسية في تصاعد. حسنا ربما لا تشاهدها، لكن المحافظين يفعلون. وإن بلغت بك الجرأة وذكرت تفاوت الدخل فستوصم بأنك جوزيف ستالين المقبل. وأعلن ريك سانتورم أن أي استخدام لكلمة «طبقة» هو «أدبيات ماركسية».

ولذلك غني عن القول أن خطة أوباما للرعاية الصحية القائمة على أفكار صيغت أصلا في مؤسسة التراث «هيرتاج فاونديشن» هي مشروع ماركسي.. لماذا؟ لأن مطالبة الناس بشراء التأمين مثلها مثل إرسالهم إلى معسكرات الاعتقال. وانتظروا فقط حتى تصدر وكالة حماية البيئة قواعدها الرامية إلى إبطاء وقع التغير المناخي.

تركز هوس اليمين حتى الآن على مهاجمة العلم، وأصبح هذا أمرا مشهودا: حاليا يدعم جميع المحافظين من «حملة البطاقات» وجهة النظر القائلة بأن التغير المناخي عبارة عن خدعة كبيرة، وأن الآلاف من أوراق الأبحاث التي تفيد بارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، وهي تساوي 79 في المائة من مجموع أوراق البحث، ما هي إلا نتاج مؤامرة عالمية كبرى. لكن، ومع تحرك إدارة الرئيس أوباما للقيام بعمل فعلي على أساس ذلك العلم، فإن اقتصاديات المناخ المخبولة ستنغلق على ذاتها.

بإمكانكم إدراك بعض ما سيأتي من خلال الآراء المعارضة من خلال الحكم الذي صدر مؤخرا عن المحكمة العليا، والخاص بالتلوث من محطات الطاقة. فقد اتفق معظم القضاة على أن لوكالة حماية البيئة الحق في تنظيم الضباب الدخاني الناتج عن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، والتي تنتشر عبر الولاية. لكن القاضي لم يكتف بالمعارضة، بل اقترح أن قاعدة وكالة حماية البيئة المقترحة والتي ستربط حجم الضباب الدخاني المطلوب خفضه بالتكلفة، تعكس المفهوم الماركسي «من كل حسب قدرته». فهل يعتبر أخذ التكلفة في الاعتبار ماركسيا؟ من يدري؟ ويمكنكم تخيل ما سيكون عندما تتحرك وكالة حماية البيئة مدعومة بحكم الضباب الدخاني نحو تنظيم ظاهرة انبعاثات الاحتباس الحراري.

ما الذي أقصده باقتصاديات المناخ المخبولة؟

سنرى استنكارا لكل جهد يرمي إلى الحد من التلوث ووصفه بأنه قرار استبدادي. ولم يكن التلوث شأنا يهم الحزبين كثيرا دائما: كتب الاقتصاديون في إدارة الرئيس جورج بوش «أنشودة الشكر» للقواعد التي تحد من التلوث القائمة على «أساس السوق»، وفي عام 2008 قدم جون ماكين مقترحات ببرامج بيئية تضع حدا أعلى إجباريا لانبعاث غازات الاحتباس الحراري مع تخصيص موارد مرونة ومكافآت على الالتزام بذلك، ومساءلة بيئية دقيقة، كجزء من حملته الانتخابية. لكن عندما أقر الديمقراطيون في مجلس النواب بالفعل قانون الحد من انبعاث الغازات والمكافآت عام 2009، هوجم ذلك بوصفه ماركسيا. وحاليا يخرج علينا الجمهوريون ليعارضوا بقوة حتى القواعد التي تعتبر الحاجة إليها هي الأكثر وضوحا، مثل الخطة الهادفة إلى خفض التلوث الذي يخنق خليج تشيسابيك.

ثانيا: سنرى ادعاءات بأن أي جهد للحد من الانبعاثات سيكون له ما يُطلق عليه النائب ماركو روبيو منذ الآن «أثرا مدمرا على اقتصادنا».

ولماذا يكون ذلك غريبا شاذا؟ عادة ما يمجد المحافظون سحر الأسواق ومقدرة القطاع الخاص على التكيف، والتي يفترض أنها قادرة على تجاوز أي قيود تفرضها على سبيل المثال الموارد الطبيعية المحدودة. لكن بمجرد اقتراح أي جهة إضافة القليل من الحدود لتعكس القضايا البيئية، مثل الحد من انبعاثات الكربون، فإن جميع تلك المؤسسات ذات المقدرة الكبيرة يفترض فقدانها لمقدرتها على التكيف مع التغير.

وماذا عن الحُجة القائلة إن عمل الولايات المتحدة منفردة لن يجدي، لأن الصين هي المشكلة الحقيقة؟ صحيح أننا لم نعد الدولة رقم 1 في غازات الانبعاث الحراري، لكننا لا نزال نحتل المركز الثاني بقوة. وفوق ذلك فإن تصرف الولايات المتحدة بشأن المناخ خطة أولى ضرورية نحو اتفاق دولي أوسع، سيشمل بالتأكيد عقوبات على الدول التي لا تشارك.

على ذلك لن تكون العاصفة النارية المقبلة حول القواعد الجديدة لمحطات الطاقة مناظرة حقيقية، كما ليست هناك مناظرة حقيقية حول علم المناخ، وستمتلئ موجات الأثير بدلا عن ذلك بنظريات المؤامرة والادعاءات الجامحة حول التكاليف والتي سيجري تجاهلها جميعها. وسيستقر الأمر في النهاية بسياسة المناخ في مكان ما، فدعونا لا ندع اقتصاديات المناخ الغريبة تقف حجر عثرة في طريق ذلك.

* خدمة «نيويورك تايمز»