من يحمي الضبّ السعودي؟

TT

مع انفجار عدد البشر، وطمعهم، وأنانيتهم، تدفع بقية الكائنات الثمن الفادح لكل هذا، مع أن الكوكب لكل من عليه، وفق قسمة لا تخل بالنظام البيئي الدقيق.

حماية التوازن البيئي والطبيعي ليست ترفا من هوايات الأغنياء، بل ضرورة لحفظ الحياة في شكلها السوي والصحي، وقد انتبه لأهمية وضع المحميات كثير من الدول، خصوصا التي استشرى فيها تصحر الغطاء الرعوي والزراعي، كما الصيد الجائر والقضاء على المكامن الطبيعية لتكاثر الحيوانات.

السعودية هي أكبر دول الجزيرة العربية مساحة، وأكثرها تنوعا جغرافيا وبيئيا، من الجبال الباردة الخضراء إلى السهول الساخنة الرطبة، إلى الصحارى الممرعة بالعشب والنوار ربيعا، القاحلة قيظا، وحتى في وقت عطشها لا تخلو الصحراء من نظامها البيئي وتكيف كائناتها الحيوانية والنباتية مع هذه البيئة، منذ الأزل، وبرهان هذا حيوان الضب. على ذكر الضب، وهو نوع من السحالي المرتبطة ارتباطا عضويا وثقافيا بإنسان صحراء الجزيرة العربية، فقد تداولت الأخبار المحلية قبل فترة قيام مجموعة من السفهاء بصيد المئات من هذا الحيوان الصبور، وعرضها بشكل مستفز على حوض سيارة نقل في صورة لم تفتقد مظهر «التفشخر» بإشهار البنادق، وهو ما طرح سؤالا جديا عن كيفية الحفاظ على ما تبقى من تنوع بيئي في البلاد. قبل ذلك ارتكب صاحب أغنام في بادية مكة فاجعة حينما قتل، من خلال تسميم لحم ناقته، نمرا عربيا نادرا معرضا للانقراض بشكل حاد، وقبل ذلك ارتكب ثلة سفهاء في محمية الربع الخالي مجزرة بحق المها العربي، صاحبة العيون الشهيرة، عيون المها!

لا ريب أن الحكومة أساسا هي المسؤولة عن حماية البيئة، بشجرها ونباتها وحيوانها وبحرها وبرها، من خلال هيئة معينة لهذا الغرض، لكن المواطن مسؤول أيضا، ويجب أن لا تكتفي الهيئة الفطرية بمجرد التوعية، هذا جيد، لكن لو كان «الحكي» على أهميته كافيا لما كان هناك حاجة لسن القوانين ووضع العقوبات وإنشاء الشرطة وبناء السجون. رئيس الهيئة العامة للحياة الفطرية بالسعودية - وهو مجتهد والحق يقال - قال عقب مجرزة الضبان شارحا دور الهيئة ومعاتبا الصحافة: «كل جهاز حكومي له إطار وصلاحيات ومهام تنفيذية محددة بنظام تشكيل هذا الجهاز، ولا يجوز له التدخل في صلاحيات الأجهزة الأخرى لمنع الازدواجية والتضارب فيما بينها، وفي المملكة العربية السعودية فإن الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة مَعنِيّة بتطبيق النظام العام للبيئة، ووزارة الزراعة مسؤولة عن تطبيق نظام الغابات والمراعي، ووزارة الداخلية مسؤولة عن ضبط مخالفات نظام صيد الحيوانات والطيور البرية، أما الهيئة السعودية للحياة الفطرية فتتولى إدارة المناطق المحمية، بحسب ما يحدده نظام المناطق المحمية للحياة الفطرية».

آن الأوان لإنشاء جهاز شرطة خاصة لحماية وحفظ المحميات الطبيعية، وكذلك جهاز شرطة خاصة لحماية الآثار، وهذا موضوع آخر، لكنه ليس بعيدا عن حديثنا.

الصواب بلا أنياب.. مجرد موعظة أمام صم بكم عمي.