الأركيلة أكثر ضررا من السجائر

TT

أثارت دراسة أميركية جديدة حقيقة أن التدخين بالأركيلة أشد ضررا بالمقارنة مع تدخين السجائر التي هي بالأصل ضارة بالصحة دون أدنى شك. ولاحظت الدراسة المنشورة ضمن العدد 16 لمجلة «علم الأوبئة السرطانية ومؤشراتها الحيوية والوقاية منها» Cancer Epidemiology، Biomarkers & Prevention أن الناس الذين يدخنون بالأركيلة يستنشقون كمية أعلى من النيكوتين والمركبات الكيميائية المسببة للسرطان والمسببة لأمراض القلب وغيرها من المشكلات الصحية بالمقارنة مع تدخين السجائر العادية للتبغ.

وأفاد الباحثون في مقدمة الدراسة عن خلفية التدخين بالأركيلة أن هذه النوعية من وسائل تدخين التبغ تنتشر حاليا على النطاق العالمي، وشعبيتها آخذة في الارتفاع في الولايات المتحدة، وعلى وجه الخصوص بين الشباب وصغار السن، ويرافق هذا الارتفاع في الاستخدام انتشار اعتقاد بأنها آمنة نسبيا بالمقارنة مع تدخين السجائر.

وقام الباحثون في دراستهم بتحليل مكونات البول لدى شريحة من مدخني الأركيلة الذين امتنعوا عن التدخين لمدة أسبوع، ثم قاموا بتدخين الأركيلة لمدة نحو ساعة، وتبين من نتائج تلك التحاليل الفورية للبول أن ثمة ارتفاعا في كمية احتواء البول على مادة النيكوتين بمقدار 73 ضعفا، وعلى مادة كوتينين بمقدار أربعة أضعاف، وعلى مادة «إن إن إيه إل» NNAL بمقدار الضعفين، وزيادة تراوحت بين 14 إلى 91% في المركبات العضوية من مستقلبات حمض ميركابتيرك mercapturic acid. وبعبارة أخرى ترجم الباحثون دلالات هذه النتائج بالقول: «شاهدنا تغيرات إلى درجة عالية في المؤشرات الحيوية الخاصة بوجود التبغ في الجسم». وهو ما دفعهم للقول في استنتاجات الدراسة إن التدخين بالأركيلة مرتبط بدخول كمية مهمة من النيكوتين إلى الجسم والتعرض للمواد المسببة للسرطان.

وعلق الباحثون بالقول إن هذه النتائج تثير المخاوف من تأثيرات دخان الأركيلة على أدمغة الأطفال والشباب الذين يدخنون بها، خصوصا أنهم أفادوا بمشاهدتهم عوائل كاملة، بما فيها الأطفال وصغار الشباب، يدخنون بالأركيلة.

وكانت الرابطة الأميركية لطب الرئة قد نشرت تقريرها الخاص بتدخين الأركيلة عام 2007 تحت عنوان «نشوء توجه قاتل: التدخين بالأركيلة»، وفي عام 2001 بعنوان «التدخين بالأركيلة: نمو متزايد لتهديد الصحة العامة» وغيرها من التقارير العلمية والدراسات الطبية التي ارتفعت وتيرة إجرائها وإصدارها مع ارتفاع وتيرة انتشار هذه العادة بالولايات المتحدة وخصوصا بين الشباب وطلاب الجامعات.

وتضمن التقرير الخاص بـ«المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها» CDC تأكيدات للحقائق الطبية حول التدخين بالأركيلة مع تزايد انتشارها في الولايات المتحدة، وتحديدا ذكرها أن دراسة «المسح الإحصائي لمراقبة المستقبل» لعام 2010 أفادت أن واحدا من بين كل خمسة طلاب بالثانوية أفاد استخدامه الأركيلة خلال العام الفائت، وكذلك واحدة من بين كل ست طالبات بالثانوية كذلك.

وأفادت المراكز المذكورة، تحت عنوان مقارنة التدخين بالأركيلة مع تدخين السجائر، أن ساعة من التدخين بالأركيلة تتضمن 200 نفس من دخانها، مقارنة بـ20 نفسا من دخان سيجارة واحدة. وهناك هيئات طبية أخرى ترى أن تدخين سيجارة واحدة يتضمن ما بين ثمان إلى 12 نفسا. واستطردت المراكز المذكورة بالقول: «كمية الدخان الذي يدخل الرئة خلال جلسة عادية لتدخين الأركيلة هو 90 ألف ملليلتر، مقارنة مع دخان بحجم 500 ملليلتر عند تدخين سيجارة واحدة. وقالت منظمة الصحة العالمية منذ عدة سنوات بصراحة إن التدخين بالأركيلة لمدة ساعة يعادل تدخين 100 سيجارة تبغ.

والحقائق العلمية التي تذكرها الهيئات الطبية العالمية المعنية بصحة الرئة وصحة القلب واضحة في توصل الباحثين الطبيين إلى أن الأركيلة، إن لم تكن أشد ضررا من تدخين سجائر التبغ، فإنها لا تقل عنها.

* استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]