ضرورة موافقة الكونغرس بشأن أي اتفاق مع إيران

TT

غالبا ما تكون الرقابة على الأسلحة محل الخلاف بين البيت الأبيض والكونغرس. يفضل الرؤساء ومساعدوهم الدبلوماسيون الوصول إلى اتفاقياتهم في سرية، ثم حجب الاتفاق عن رقابة الكونغرس، ناهيك بالحصول على موافقته. اليوم، تملك إدارة أوباما دافعا أقوى للسير على هذا النهج في مفاوضاتها مع إيران. ولكن سيكون ذلك خطأ. بغض النظر عن الصعوبات الحزبية، من الضروري الحصول على موافقة الكونغرس حتى لا تجري أي اتفاقية على أساس مهتز، ويكون من الصعب تنفيذها.

يقدم اثنان من أسلاف الرئيس أوباما مسارا جديرا بالتقليد؛ بذل هاري ترومان الكثير من أجل إرساء مؤسسات الحرب الباردة، وسط إجماع محلي قوي. أما ريتشارد نيكسون، فبدوره وضع الهيكل الحديث للحد من السلاح، واستطاع إقناع كلا الحزبين بأهمية فرض القيود على السلاح النووي.

أدرك ترومان أنه في سبيل إيقاظ الولايات المتحدة تماما من سباتها الانعزالي، يجب عليه أن يتفق مع الحزب الجمهوري المتشكك في العمل الدولي. شجع ترومان المشرعين الجمهوريين المؤثرين، مثل السيناتور آرثر فاندبرغ (ميشيغان)، واستمع باهتمام لنصائحهم ومقترحاتهم، بل وانضم حزبيون متشددون، أمثال جون فوستر دالاس، إلى دائرة المقربين من إدارة ترومان، في قضايا مثل معاهدة السلام مع اليابان، وإقامة حلف الناتو. نتيجة لتلك الجهود، حازت المبادرات الرئيسة، مثل تأسيس الأمم المتحدة، ومشروع مارشال، تأييدا واسعا من الجانبين، رغم أن دعم الحزبين لم يكن مفترضا في تلك الفترة.

في المرحلة الحالية، لا تجد السياسة باتجاه إيران، التي تنتهجها إدارة أوباما، مثل هذا الإجماع الوطني. يستطيع الرئيس أن يبذل الكثير لتغيير هذا الواقع بتقديم بيانات تفصيلية أمام الكونغرس، بل وأيضا ضم أعضاء من الحزب الجمهوري إلى الوفود الأميركية المشاركة في مباحثات دول «5 + 1». ورغم أن نيكسون غالبا ما يُذكر اليوم بانفتاحه على الصين وإنهاء حرب فيتنام، فإنه بذل الكثير لضبط سباق التسلح النووي في ذروة الحرب الباردة. كان من الممكن أن يسعى نيكسون إلى حماية الإنجاز الذي يحمل توقيعه؛ الاتفاقية الأولى للحد من الأسلحة الاستراتيجية، «سالت 1»، من رقابة الكونغرس، متمسكا بالسلطة الرئاسية.

وللتأكيد، نص قانون تحديد السلاح ونزعه لعام 1961 على أن جميع الاتفاقيات التي تحدد ترسانة السلاح الأميركي يجب أن تخضع لمصادقة الكونغرس. ولكن كانت «سالت 1» اتفاقية تنفيذية، وإذا أراد نيكسون، كان من الممكن أن يقدم حجة مبهمة لعدم طلبه موافقة الكونغرس. ولكنه فكر فيما هو أفضل من ذلك، وقدم الاتفاقية للحصول على موافقة. كان ذلك يعني التفاوض مع السيناتور الصعب المراس هنري «سكوب» جاكسون (الديمقراطي من ولاية واشنطن)، ووضع مخاوفه في الاعتبار. ربما كانت العملية معقدة للغاية، ولكن جاءت النتيجة قانونا عاما جعل الاتفاقية منصوصا عليها في تشريع.

إحدى النقاط التي قد تعزز من قدرة أوباما على الحصول على موافقة الكونغرس هي تقديم توضيح لتبعات ارتكاب إيران لأي خداع، إذا حدث اتفاق. وفي ظل شك الكونغرس العميق في قادة إيران، من المرجح أن يحظى أي اتفاق بمصداقية أكبر في كابيتول هيل، إذا كانت الإدارة تملك خطة واضحة للتعامل مع الخداع. قد تتجاوز مثل تلك الخطة فرض عقوبات قاسية، وتتضمن تفويضا من الكونغرس باستخدام القوة، ردا على انتهاك الاتفاقية. بهذه الطريقة، يمكن أن تبدي الإدارة تصميمها، مع الحصول أيضا على تأييد الكونغرس على استخدام القوة، وهي رسالة ليس من المحتمل أن يخطئها الإيرانيون.

في هذا الإطار، يجب أن يتحمل الكونغرس أيضا قدرا من عبء المسؤولية، ويدرك أنه ليس في وسعه فقط توجيه الانتقادات. ورغم أن الدستور يمنح الرئيس امتيازات في مجال الشؤون الخارجية، فإن الكونغرس يملك صلاحيات خاصة به. في بعض الأحيان، يتبنى الكونغرس دورا حاسما فيما يتعلق بانتشار السلاح النووي. يذكر أنه كان من بين المدافعين عن مثل هذا الحراك التشريعي السيناتور جوزيف آر بايدن، الذي صاغ، في لفتة جمعت بين الحزبين، وأثارت الإعجاب، رسالة مع السيناتور المحافظ جيسي هيلمز (الجمهوري من نورث كارولاينا) أصرا فيها على تقديم إدارة جورج دبليو بوش لاتفاقيتها النووية المتوقعة مع روسيا، للحصول على تفويض الكونغرس.

لا يقل شبح وجود قنبلة إيرانية أهمية عن تلك المسألة، ويحتاج الكونغرس إلى الإلحاح في مطالبه، في هذه القضية، بقوة مماثلة. في الوقت الذي تدخل فيه المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة مراحل حرجة، تحتاج واشنطن إلى الحصول على إجماع من الحزبين حول إطار لاتفاق مقبول. لا يمكن أن يتأتى مثل هذا الإجماع من دون عمل يجمع فرعي الحكم والحزبين السياسيين معا. سوف يتطلب ذلك أن يضع البيت الأبيض في عين الاعتبار وجهة نظر الكونغرس، ويتنبه لتحذيراته. وقد يعني الفشل في تحقيق ذلك أن أي اتفاق يتفاوض حوله أوباما لن يستمر بعد فترته الرئاسية.

* إريك إيدلمان عمل مساعدا لوزير الدفاع

في إدارة جورج دبليو بوش

* دينيس روس عمل مساعدا خاصا للرئيس أوباما

من عام 2009 إلى 2011

* راي تقية كبير زملاء في مجلس العلاقات الخارجية

* خدمة «واشنطن بوست»