لقاح الملاريا يراوح مكانه

TT

لا تزال الملاريا مشكلة عصية دون حلول جذرية. والحلول الجذرية، بالتعريف الطبي، هي مجموعة من التدابير التي تحقق خفضا واضحا في أعداد المصابين بالمرض أو طريقة علاجية تزيل المرض عن جسم المصاب. ووفق تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2012، يصاب نحو 207 ملايين إنسان سنويا بعدوى الملاريا في جميع أنحاء العالم، يموت منهم نحو 630 ألف إنسان، أي يموت في كل يوم أكثر من 1700 إنسان في العالم بسبب الإصابة بهذه العدوى. وبعبارة أكثر دقة، وفق ما تقوله منظمة الصحة العالمية، فإن طفلا في أفريقيا يموت كل دقيقة بسبب الملاريا، وعليه كما يقول كثير من العلماء الطبيين، فإن الملاريا هي واحدة من أكبر العوامل المتسببة في وفاة الأطفال على مستوى العالم.

ورغم الانتشار الواسع للملاريا عالميا، وارتفاع أعداد المتوفين بسببها، وقدم معرفة الطب بتفاصيل واسعة عن مرض الملاريا، لا يزال الطب يراوح مكانه في جهود اكتشاف لقاح يقي من الإصابة بالملاريا كي يمثل أحد تدابير الحلول الجذرية لهذه المشكلة الصحية.

ولذا حينما نشرت مجلة «ساينس» العلمية (Science) ضمن عدد 25 مايو (أيار) الحالي أخبار آخر المحاولات العلمية لاكتشاف لقاح للملاريا، علق البروفسور وليام شافيز، أستاذ الطب الوقائي في جامعة فاندرييلت بناشفيل والمتحدث باسم جمعية الأمراض المعدية الأميركية (IDSA)، بالقول: «اللقاح ضد الملاريا هو واحد من الكؤوس المقدسة في بحوث الأمراض المعدية»، في إشارة منه إلى أهمية الأمر وكثرة التجارب والمحاولات التي قام العلماء بها في هذا المضمار خلال العقود الماضية دون الوصول إلى نتيجة مفيدة على أرض الواقع.

وقام الدكتور جوناثن كيرتس، مدير مركز بحوث الصحة الدولية في جامعة روود آيلاند بروفيدانس بالولايات المتحدة، بقيادة مجموعة مشروع البحث الجديد عن لقاح الملاريا باستخدام أجسام مضادة تكونت لدى الأطفال بعد إصابتهم بالملاريا. ووفق ما جرى نشره، قام الباحثون بإجراء تجارب ذات نتائج واعدة على حيوانات المختبرات في خفض أعداد طفيليات الملاريا لدى انتقالها إلى جسم الفئران، ومن ثم إعطائها فرصة أكبر للنجاة من عدوى الملاريا مقارنة بالفئران التي لم يجر إعطاؤها اللقاح محل التجربة ضد الملاريا. وهذا المشروع هو واحد من ضمن مجموعات من مشاريع إنتاج لقاح ضد الملاريا. ووفق ما قاله الدكتور كيرتس، فإن عدد المشاريع البحثية تلك في كافة أنحاء المختبرات العلمية بالعالم تتراوح ما بين 50 إلى 100 مشروع محاولة في طور الدراسة والبحث، وجميعها لم تصل بعد إلى الهدف المنشود.

ورغم الأعداد الكبيرة للفيروسات والبكتيريا والطفيليات وغيرها من فصيلة الميكروبات، فإن ما يتوفر على هيئة لقاح للوقاية من الإصابة بأي نوع من أنواعها هو عدد 27 لقاحا معتمدا كوسيلة وقائية متوافرة، وفق ما تشير إليه نشرات «المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها» (CDC).. ولا تزال هناك قائمة طويلة جدا من الأمراض الميكروبية المعدية التي لا يتوافر لها لقاح حتى اليوم. ولذا، تعد الاستثمارات الطبية في اكتشاف اللقاح ضد مرض ما، وإتمام إجراءات التأكد من فاعليته وأمانه، وإنتاجه بكميات كافية، أحد المجالات الاستثمارية الرائعة في المجالات الطبية والبحثية نظرا لمردودها في الوقاية من الإصابة بالأمراض المعدية وتداعياتها.

* استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]