الحكومة تنسف فرحة المصريين

TT

كان قد بقي نصف نهار على نهاية موعد الانتخابات، نصف نهار من الفرحة المصفاة، فرحة الوجود كما وصفناها من قبل، مهما كانت قدرة أي شخص على التلخيص، فعلى الأقل يستطيع القول، إن أجواء الانتخابات كانت تتسم بالفرح والفرحة، ولكن هل تسكت الحكومة عن فرحة الناس.. هل ستترك نصف النهار يمر على خير؟

لا.. لا بد من ضربة «عكننة» تفسد كل فرحة، فجأة تذكرت الحكومة أن هناك قانونا يعاقب من لا يحضر الانتخابات بدفع خمسمائة جنيه «إبقى قابلني» ماذا كان هدف الحكومة من إعلان هذا الخبر الأسود؟

روح ارقص وروحي ارقصي يا حبيبتي في بيتكم، هنا فيه حكومة وانتخابات، لكي يعرف الشرق والغرب معا، أن هؤلاء القوم ليسوا فرحين، بل هم خائفون من دفع الغرامة، هؤلاء الناس لا يرقصون بدافع من الإحساس بالفرحة، بل هم يرقصون كالطيور المذبوحة من الألم، خوفا من دفع الخمسمائة جنيه (برضه إبقى قابلني).. يقال إن مصدر القرار هو السيد نكد عبده نكد، رئيس قسم العكننة في مجلس الوزراء.

السيد عبده نكد، هو الذي كان يرمز إليه في الأدب الفرعوني القديم بالتمساح الملتهم لكل فرحة. إنه يختبئ بين ثنايا النيل في انتظار فريسته، ويقال إنه مات منتحرا بعد أن اكتشف أنه مصاب بفيروس فرحة لا شفاء منه، أما عبده نكد الحالي، فيتم الكشف عليه أسبوعيا للتأكد من أنه صالح للعكننة على البشر في أي وقت وفي أي مكان. إنها معركة قديمة تدور رحاها بين الشعب المصري عندما يكون فرحا، وهذا أمر نادر الحدوث، وبين الإله نكدوس. هناك ميل غريزي عند المصريين للإحساس بالخوف وهم في عز الفرحة، عندها تستمع لجملتهم الشهيرة التي هي أقرب إلى الابتهالات وهي «اللهم اجعله خير» إنها خبرة آلاف السنين بالحكومة، وما يمكن أن تفعله بهم عندما ترى منهم بادرة فرحة. وبهذه المناسبة أنا أشهد أمام التاريخ، والجغرافيا أيضا، أنني لا أعرف مواطنا تسبب في مشكلة، كل المشكلات التي عرفتها في حياتي كانت من صنع الحكومات.

ليست عندي مشكلة بخصوص مد الانتخابات يوما كاملا، أو حتى عدة أيام، المشكلة هي أن الحكومة لا تفكر في إثبات الأصوات بل في حلبها، أنا أشعر بالألم فقط لإفساد صورتنا أمامنا جميعا. من أجل مشروع خائب وغير جاد، لن يحدث أن مصريا سيدفع خمسمائة مليم على سبيل الغرامة، والحكومة تعرف ذلك، هناك ألف طريقة للإفلات من دفع الغرامة بحيل كلها قانونية، ما رأيك في شهادة مختومة من الوحدة الصحية، وتكلفك جنيها واحدا؟ هذه الشهادات ستباع على الرصيف.. أما الفصحاء فسيبلغون على الفور الاتحاد الأوروبي، إلحقينا يا أوروبا.. الحكومة عاوزة تصادر فلوسنا..

منكم لله، عكننتم علينا.