الكونغرس سبب مشكلة التنوع بـ«غوغل»

TT

يعد اعتراف شركة «غوغل» بهيمنة الرجال، وغالبيتهم من البيض، على القوى العاملة لديها بالولايات المتحدة، التي تتكون من 50 ألف عامل، بيانا صادما بشأن مدى تكافؤ الفرص بالشركة. ولو كان لدى الشركة، التي تعد من قادة التكنولوجيا في وادي السيليكون، الشجاعة لنشر إحصائية حول التنوع السكاني لموظفيها، وهو ما لم تفعله شركة مثل «فيسبوك» على سبيل المثال، فربما لن تثبت تلك الإحصائيات أي تنوع.

لكن هناك وسيلة سهلة نسبيا، يمكن للإدارة الأميركية من خلالها أن تزيد من التنوع بمثل هذه الشركات، وهي فتح حدودها للمهندسين الأجانب.

وكشف لازلو بوك نائب الرئيس التنفيذي لعمليات موظفي «غوغل»، السبب وراء قلة أعداد النساء والسود بالشركة، قائلا إن النساء يحصلن على نحو 18 في المائة من جميع درجات علوم الكومبيوتر بأميركا. كما استشهد ببيانات مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية، التي أظهرت أن نسبة من حصلوا على دراسات عليا في هذا المجال في عام 2009 (أحدث إحصائية متاحة) من السود لم تتخطَّ خمسة في المائة، وثلاثة في المائة من أصل إسباني. وأضاف أن متوسط أعمار من يعملون بـ«غوغل» 29 عاما، مما يؤكد أهمية بيانات التخرج، نظرا لأن الشركة توظف الكثير من الأشخاص النابغين ممن ليس لديهم خبرة كبيرة في العمل. ويشكل أصحاب البشرة السمراء وذوو الأصول الإسبانية ثلاثة في المائة من القوى العاملة بمقر شركة «غوغل» بأميركا، وذلك بالمقدار نفسه الذي يوازي حصتهم من الدرجات ذات الصلة. وبالنظر إلى الآسيويين، فهناك على النقيض تفاوت صارخ، وذلك طبقا لإحصائية المؤسسة الأميركية التي أكدت أنه رغم حصول الآسيويين على نسبة 8.2 في المائة من درجات علوم الكومبيوتر المتطورة كافة في 2009، فإنهم يشكلون 34 في المائة من كوادر شركة «غوغل».

والسؤال الذي يطرح نفسه: من أين أتى كل المهندسين الآسيويين؟ فبحسب تقرير مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية، فإن 46.4 في المائة ممن حصلوا على درجة الماجستير في علوم الحاسوب بالولايات المتحدة حصلوا على إقامة مؤقتة، من أولئك الذين لم تدرج أصولهم.

وسيكون من المعقول الافتراض بأن كثيرا منهم آسيويو الأصل. وعلى كل حال، تحتل «غوغل» المرتبة الـ12 لمقدمي تأشيرات لغير المهاجرين، التي يجري إصدارها للعمالة الماهرة. وحصلت الشركة على 2163 تأشيرة من هذا النوع لموظفيها خلال عام 2014، وذلك وفقا لموقع «Myvisajobs.com»، وهو موقع إلكتروني يقدم خدمات للأجانب الذين يبحثون عن فرص عمل بأميركا. هذا بالإضافة إلى أن المهاجرين يمكنهم أن يأتوا إلى الولايات المتحدة بـ«غرين كارد»، أو عن طريق تأشيرة «O - 1»، التي تمنح بشكل استثنائي للأفراد ذوي القدرات غير العادية.

ويبرر بوك ذلك في تصريح اعتذاري بالقول إن «(غوغل) لم تحقق بعد ما نصبو إليه» فيما يتعلق بالتنوع. ولكن الطبقات الواسعة من المهاجرين لدى الشركة تمثل بالضرورة شكلا من أشكال التنوع، وهو ما يعكس قيم الشركة التي تعتمد على الجدارة. ولا بد أن يكون لدى الآسيويين، وربما الكثيرين من البيض خلفيات اجتماعية متنوعة، وذلك وفقا لجدول العاملين بـ«غوغل». ولا ينبغي أن يقاس التنوع عن طريق التصنيفات التقليدية التي تقوم على أساس الجنس في شركة ما، وذلك نظرا لأن «غوغل» تعد واحدة من 40 في المائة من أكبر «500 شركة عالمية»، وفقا لإحصائية مجلة «فورتشن»، التي أسسها أو اشترك في تأسيسها مهاجرون، حيث يعمل روس، وصينيون، وهنود، وأوكرانيون، ويابانيون، وتايلانديون بالشركة، جنبا إلى جنب.

ولا يوجد عدد كافٍ من المولودين في أميركا من أي جنس أو لون بشرة ممن يستطيعون أن يصبحوا مهندسين بـ«غوغل». ومع ذلك يجري إحباط جهود الشركة الرامية إلى جلب مواهب من الخارج، بسبب حصص المهاجرين المهرة، التي تؤدي إلى لجوء المبرمجين البارعين إلى اليانصيب. وتضطر «غوغل» وأقرانها من الشركات في وادي السيليكون إلى توظيف عدد أكبر من الأشخاص، وفقا للتقسيمات الخارجية، بسبب أن هناك تشريعا يهدف إلى تصحيح هذا الموقف، ولا يزال عالقا بالكونغرس حتى الآن. كما أن متوسط أجر عامل بـ«غوغل»، ممن أتى عبر تأشيرة الإقامة المؤقتة يعادل 126565 دولارا، وهو ما يعادل 2.4 ضعف دخل متوسط أسرة واحدة. وعلى نحو مثير للاستغراب، لا تبدو الإدارة الأميركية راغبة في فرض مزيد من الضرائب على تلك الفئة من المهندسين ذوي المهارات العالية.

وسيكون من العبث مناشدة «غوغل» أن تزيد من التنوع في الوقت الذي تقف فيه سياسية الحكومة الخاصة بالهجرة عائقا يحول دون تحقيق هذا الهدف.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»