25 سنة مضت على رحيل الخميني

TT

احتفلت إيران يوم الأربعاء الرابع من يونيو (حزيران) بمرور خمس وعشرين سنة على تولي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، وعلى رحيل آية الله روح الله الخميني، زعيم الثورة.

وسلط آية الله خامنئي، خلال حفل استثنائي أقيم في ضريح الخميني يوم الأربعاء، الضوء مرة أخرى على أكثر المسائل التي مثلت لإيران تحديا منذ اندلاع الثورة، ألا وهي العزلة الدبلوماسية التي سببها العداء مع الولايات المتحدة.

وقال آية الله خامنئي إن «الجمهورية الإسلامية لم تنكسر عقب سنوات من ضربات الغرب». وأوضح بأن «التحدي الخارجي أمام إيران، هو الفتن التي تزرعها الغطرسة العالمية، ولنكن صريحين، الولايات المتحدة».

ولم يكن هناك شيء جديد فيما أشار إليه خامنئي في الذكرى الخامسة والعشرين على وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية، باستثناء إظهار كفاح النظام في تطبيع علاقته مع المجتمع الدولي. وما ينبغي رصده ومناقشته الآن هو الإرث الذي تركه الخميني عقب 25 سنة من وفاته، وتقييم الثورة تحت قيادة آية الله علي خامنئي.

من المؤكد أن إيران تحت ولاية خامنئي أصبحت أكثر اختلافا من وقت إنشاء الجمهورية الإسلامية على يد الخميني، والتي أطاحت بالنظام الملكي للشاه بهلوى. فما جلبه آية الله الخميني لإيران منذ توليه السلطة في عام 1978، لم يكن إلا العقوبات والعزلة الدبلوماسية، التي ما زالت مستمرة.

وعندما توفي الخميني، كان عدد سكان إيران نصف ما هو عليه الآن. ولا تحمل الأجيال الجديدة أي ذكرى عن الراحل آية الله، أو الظلام المخيف الذي اكتنف العقد الأول من الثورة؛ حيث كان العقد الأول أصعب الأعوام بالنسبة للإيرانيين الذين يتذكرون حقبة التسعينات. وقد تكون ثماني سنوات من الحرب مع العراق، وإعدام أعداد هائلة من السجناء السياسيين، أفضل الذكريات التي تركها النظام الذي أراد أن يمهد للاستقرار.

ويعد أحد أهم التغيرات في تاريخ إيران منذ قيام الثورة وجود تمثيل لرجال الدين في جميع المؤسسات السياسية والاجتماعية. وبالنسبة للأجيال الجديدة التي لا تعرف الخميني إلا من خلال صوره، وما علمته عنه من خلال الكتب المدرسية، فمن الصعب عليها أن تستوعب فترة ولايته، أو تعقد مقارنة بينه وبين خامنئي. وبالنسبة لبعض الناس كان الخميني قائدا ذا شخصية فريدة من نوعها، وذلك لأنه كان يسعى من وجهة نظرهم إلى إقامة ديمقراطية دينية، بيد أنه كان من وجهة نظر آخرين رجلا معقدا دمر هيبة إيران واحترامها بين المجتمعات الدولية. كما أن العقوبات التي فرضت إبان أزمة الرهائن واختطاف الدبلوماسيين الأميركيين لمدة 444 يوما، أضعفت الاقتصاد ودفعت إيران إلى الخلف.

ولكن من الجدير بالذكر، أن برنامج إيران النووي المثير للجدل قد ولد في ظل القيادة العليا لآية الله علي خامنئي. وشكل البرنامج النووي صدمة أخرى للثورة، والذي جر إيران إلى مواجهات كبيرة غير مسبوقة ضد القوى الغربية؛ مما شكل التحدي الأكبر لخامنئي خلال السنين الخمس والعشرين الأخيرة. ونتيجة للعقوبات والحظر النفطي الذي فرضه الغرب، أصيب الاقتصاد بالشلل التام تقريبا، واضطر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي للاتفاق على العودة إلى طاولة المفاوضات مع القوى الغربية.

ومنذ تولي حسن روحاني الرئاسة، بدأ يظهر أن إيران تسعى لإيجاد حل من أجل العودة على الصعيد الدولي، وأنها تبذل جهودا مضنية لإغلاق ملفها النووي، بالإضافة إلى أنها اعتمدت لهجة أكثر ليونة تجاه الدول الغربية، وخصوصا الولايات المتحدة.

ولا يمكن لأي من هذه الأحداث أن تجري إلا بموافقة آية الله خامنئي. وحاليا بعد تزايد الاحتمالات بشأن توقيع اتفاق نهائي قريبا بين إيران والقوى الغربية ممثلة في مجموعة 5+1 (التي تضم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا) الذي يضع حدا لما يقرب من عشر سنوات من الصراع، حذر آية الله خامنئي من النزاعات الداخلية. وقال إن تلك النزاعات تفاقمت بسبب المحاولات الأميركية الرامية إلى «زرع الفتنة بين القيادات».

ولم يذكر خامنئي في خطابه أي شيء عن تقدم المفاوضات النووية، وقال، فقط، إن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكريا مستقبلا. وفي إشارة إلى ما تقوله الولايات المتحدة دائما عن المواجهة العسكرية بأن «كل الخيارات مطروحة على الطاولة» في حالة فشل المساعي الدبلوماسية في إيقاف الملف النووي الإيراني، قال خامنئي إن ذلك ليس أكثر من مجرد خداع.

ولم يكن ما أدلى به آية الله علي خامنئي يوم الأربعاء مختلفا كثيرا عما اعتاد العالم على سماعه خلال آخر 35 سنة. ولكن حمل الخطاب إشارات بسيطة إلى المتفائلين بالتعامل مع دولة إيرانية مختلفة منذ تولي روحاني للرئاسة. كما أكد المرشد الأعلى لشعبه وللعالم أنه لم يحدث تغيير أثناء ولايته وليست هناك إمكانية لحدوث أي تغيير.