من الوطنية إلى الفكاهة

TT

ذكرت فيما سلف شيئا من أشعار الشاعر القروي، رشيد سليم الخوري، التي تميزت بالروح الوطنية والقومية، بيد أن له أيضا أشعارا في منتهى الطرافة والدعابة. كان منها تعليقه على أول خطوط من الشيب تجتاح شعره، وهو شيء طالما مقته الشعراء والفنانون، فقال فيها:

تبدت وميعاد المشيب بعيد

وجيش أماني الشباب عديد

ولا عجب أن ولّد الفحم ماسة

برأسي فضغط الحادثات شديد

وكان الشاعر متميزا بشاربين عنتريين مفتولين إلى الأعلى على طراز سلاطين آل عثمان. وحدث أن مضى يوما فحلقهما. أثار بذلك سخط أصحابه فانطلقوا يسخرون منه فرد عليهم قائلا:

قالوا حلقت الشاربين ويا ضياع الشاربين!

فأجبتهم بل بئس ذان ولا رأت عيني ذين

الشاغلين المزعجين الطالعين النازلين

ويلي إذا ما أرهفا ذنبيهما كالعقربين

إن ينزلا لجما فمي أو يطلعا التطما بعيني

وإذا هما بسط الخوان تراهما بسطا اليدين

فإذا أردت الأكل يقتسمان بينهما وبيني

وإذا أردت الشرب يمتصان كالأسفنجتين

فكأنني بهما وقد وقفا بباب المنخرين!

كان الشاعر القروي مسيحيا وعز عليه أن يرى الحزازات الدينية منتشرة بين أبناء قومه فقال، وما أجدرنا أن نتذكر ما قال:

يا فاتح الأرض ميدانا لدولته

صارت بلادك ميدانا لكل قوي

يا قوم هذا مسيحي يذكركم

لا ينهض الشرق إلا حبنا الأخوي

فإن ذكرتم رسول الله تكرمة

فبلغوه سلام الشاعر القروي