هل يبتعد سليماني وفيلق القدس عن داعش في العراق؟

TT

منذ بضعة أيام وأنا أتصفح ملخص التغريدات الهائلة على حسابي بتويتر، شدت انتباهي إحدى التغريدات القصيرة. وكانت التغريدة تقول: «لعل سليماني وفيلق القدس يهزمان داعش العراق». ربما لا تتضح هذه التغريدة لجميع القراء، فاسمحوا لي أن أفسر العبارة. في واقع الأمر يقول الكاتب، الذي يعبر عن نفسه، بأن إيران يمكنها أن تواجه إحدى الجماعات الإرهابية الأكثر فظاعة في وقتنا الحالي، وهي الدولة الإسلامية في العراق والشام، التي كانت في وقت ما جزءا من تنظيم القاعدة.

وعند القول إن إيران تواجه داعش، لا أعني الدولة. لقد دعت التغريدة حرفيا أحد أقوى قادة حرس الثورة الإيرانية قاسم سليماني وفيلق القدس للتدخل ضد تنظيم داعش في العراق، حيث فرض تنظيم داعش سيطرته بشكل فعال على أكبر مدينتين في العراق وتعهد باستكمال رحلته إلى بغداد.

يعني الوصول إلى بغداد أن التنظيم يهدف إلى الإطاحة بحكومة نوري المالكي، وإقامة حكومة تشبه تلك التي أقامتها طالبان في أفغانستان في عام 1996، حيث قامت بتطبيق الشريعة الإسلامية بشكل صارم.

تعمل أنشطة المتمردين في حقبة ما بعد صدام حسين في العراق وأيضا في أفغانستان على تحويل الحياة إلى جحيم أمام قوات التحالف. وهنا يأتي دور إيران في العراق وأفغانستان، عندما دعت الولايات المتحدة إلى عقد اجتماع ثنائي، وسعت إلى مساعدة من إيران من أجل تهدئة الوضع، وبشكل تدريجي تعاونت إيران مع الولايات المتحدة. ووفقا لناظم الدباغ ممثل حكومة إقليم كردستان لدى إيران، الذي صرح في حوار أجري مؤخرا مع إصدار روضة الإلكتروني: «أعتقد أن إيران لديها دور جوهري ورأي في الشؤون العراقية ولديها تأثير على كافة الأطراف، ليس فقط في العراق أو إقليم كردستان، ولكن في المنطقة. إنها تلعب دورا مباشرا وحاسما».

ويطلق على قاسم سليماني، الرجل الذي أثير بشأنه جدل كبير ولكنه لم يظهر أبدا في أي مشهد ويقال إنه كان مسؤولا عن حرب حزب الله ضد إسرائيل في عام 2006 وعن الحرب في سوريا، أنه جنرال بلا ظل، في كردستان العراق.

وكما يبدو فهو المدبر لوجود إيران الإقليمي، وكما وصفه الدباغ، الذي قابله شخصيا في مناسبات كثيرة، بأنه «رجل ذو ولاء لما يؤمن به ولبلده ولمعتقداته».

وما الذي ينتظره بالتحديد الإيرانيون من «رجل ولاؤه لبلده»؟ أن يخاطر بأرواح الإيرانيين من أجل صراعات إقليمية؟! وأي معتقدات تسمح بذلك؟!

وبمجرد اجتماع إيران والولايات المتحدة وتعاونهما بشأن أوضاع المسلحين في العراق وأفغانستان، هدأت حدة التوتر بشكل كبير. ولكن لم تستطع الولايات المتحدة وحلفاؤها أن يقنعوا إيران أو بالأحرى فيلق القدس بأن يترك الميدان في المعركة الدائرة بين المعارضة السورية وقوات الأسد، حيث تعارضت المصالح الإيرانية مع رغبات الأميركيين، وربما كان من الأفضل بعد بروز جماعات إسلامية أكثر تشددا مثل جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة، ترك إيران تنهي المهمة باقتلاع جذور التطرف عبر قواتها وميزانيتها، نظرا لأن المجتمع الدولي قرر أن يبقى بعيدا عن التدخل المباشر في سوريا.

ومن وقت لآخر، كانت وسائل الإعلام الإيرانية تبث أخبارا عن مقتل قادة إيرانيين في سوريا. ووقعت آخر تلك الحوادث قبل أسبوعين تقريبا (في 24 مايو/ أيار)، حيث أفادت وكالة الأنباء الإيرانية «إيرنا» بإرسال وزير الدفاع برقية تعزية، قال فيها إن الجنرال عبد الله اسكندري قتل عقب انضمامه للمدافعين عن ضريح السيدة زينب. وأفادت التقارير بأن الجنرال عبد الله اسكندري أحد قادة القوات البرية التابعة للحرس الثوري قتل هو و38 من جنوده على يد قوات تابعة للمعارضة السورية. وأبدى الإيرانيون، سواء كانوا مؤيدين للنظام في طهران أو معارضين له، امتعاضهم عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، متسائلين لماذا تدفع إيران ثمن هذه الحرب؟ ولماذا لا يخدمهم النظام على نحو أفضل بالعمل معا، بدلا من الخوض في الصراعات؟!

أعربت إدارة أوباما عن انزعاجها بشأن الأحداث الحالية في العراق، وعرضت على حكومة المالكي دعما غير محدد. وألغت إيران، المجاورة للعراق، جميع تأشيرات سفر الحجاج ورحلاتهم إلى بغداد وكثفت الإجراءات الأمنية على الحدود مع العراق.

لو دخلت المنطقة في صراع طائفي آخر، وهذه المرة في العراق، سيتمنى الناس لو أن المجتمع الدولي تكاتف من أجل مكافحة الإرهاب بدلا من التدخل الفردي وإذكاء التوترات.

وفي نفس الوقت، تعمل إيران جاهدة من أجل إعادة بناء الاقتصاد والتوصل إلى تخفيف العقوبات وإظهار استعدادها للعمل باعتبارها عضوا مسؤولا في المجتمع الدولي، ولكن التعامل مع الصراع في العراق يمكن أن يهدد كل هذه الجهود. دعوني أصحح التغريدة وأكتبها في حسابي على تويتر بهذه الطريقة «يأمل الإيرانيون أن يبتعد سليماني وفيلق القدس عن داعش وعن الصراع في العراق».