«سنب» في سان فرانسيسكو

TT

«سنب» هو تمثال فرعوني يمثل موظف مصريا جالسا بردائه الرسمي، وهو موجود الآن بصفة مؤقتة في متحف الفن بمدينة سان فرانسيسكو في أميركا؛ حيث تمتلكه سيدة من مدينة كليفلاند، واتفقت مع المتحف على عرضه فترة قصيرة بالمتحف، بعدها يعود إلى منزلها، وتقول إنها ورثته عن أسرتها التي تمتلك التمثال منذ عام 1929. وغريب فعلا أمر هؤلاء المتيمين باقتناء الآثار في منازلهم؛ بل وأحيانا يزينون بها مكاتبهم من قبيل التفاخر باقتنائها. ولا بد من التفريق بين اقتناء الأعمال الفنية الجميلة سواء لمشاهير الفنانين أو لغير المشاهير؛ واقتناء الآثار القديمة التي مكانها الطبيعي المتاحف.

لا أنسى ما حدث منذ سنوات عند افتتاح معرض توت عنخ آمون بمدينة شيكاغو؛ حيث تقدم شاب صغير السن ليلقي كلمة الافتتاح ممثلا لشركة إكسلون الراعية للمعرض.. وتقدم الشاب باعتذار رقيق لعدم تمكن رئيس الشركة «جون رو» من الحضور؛ لأنه يتناول الغداء مع الرئيس جورج بوش – الرئيس الأميركي في ذلك الوقت. وأضاف الشاب أن مستر جون رو من المغرمين بمصر ومن عشاق الفن والآثار الفرعونية، لدرجة أنه يحتفظ بتابوت فرعوني بديع في مكتبه بالشركة.

وعندما جاء دوري للحديث، قلت أمام مئات الحاضرين من الإعلاميين ورجال وسيدات المجتمع: «إن الملك توت عنخ آمون لا يقبل أن يرعى معرضه شخص يقتنى تابوتا فرعونيا بمكتبه؛ وأن مكان هذا التابوت هو المتحف؛ ولذلك أطلب من مستر رو أن يهدي هذا التابوت للمتحف، وإذا لم يفعل فسوف أطالب بإزالة اسم الشركة من رعاية المعرض، وخاصة لأن الملك توت عنخ آمون لا يرضيه عرض تابوت أحد أجداده أو أحفاده في مكتب رئيس شركة، حتى لو كان جون رو الذي يتناول الغداء الآن مع جورج بوش!».

وانجر الحاضرون في الضحك. وتصدر هذا الحديث كل وسائل الإعلام بشيكاغو وحتى في نشرات الأخبار، وفوجئت بتصريح لرئيس الشركة يقول فيه إنه يعتز بالتابوت ويرفض إهداءه إلى المتحف.

وكان ردي على رفضه هو خطاب رسمي لإدارة المعرض برفع اسم الشركة من كل ما يختص بمعرض آثار توت عنخ آمون؛ وهنا علم السيد رو أننا كنا جادين في تحذيرنا له ووافق على الفور بإهداء التابوت إلى المتحف.

وكتبت صحيفة «شيكاغو تريبيون» أن فرعونا مصريا أصيلا، اسمه زاهي حواس، دخل في معركة مع فرعون أميركي اسمه جون رو على تابوت؛ وانتصر الفرعون المصري.

لذلك، كنت سعيدا عندما طلبت مني أمينة متحف سان فرانسيسكو مساعدتهم لبقاء تمثال سنب، حيث طلبت صاحبته مبلغا طائلا للتخلي عنه للمتحف. وبالفعل، قمت بإلقاء محاضرة حضرها المئات عن الأهرام وأسرارها؛ وسيذهب دخل المحاضرة إلى شراء التمثال، كما عقد حفل استقبال حضرة أثرياء المدينة الذين تبرعوا لاستكمال المبلغ المطلوب لشراء التمثال من صاحبته لصالح المتحف.

قريبا، سنسمع عن بقاء «سنب» في متحف سان فرانسيسكو للفنون تمهيدا لعودته للأبد إلى وطنه الأصلي مصر.