معضلة الفترة الرئاسية الثانية في أميركا

TT

يكون من الصعب أحيانا فهم لماذا يريد الرؤساء البقاء لفترة رئاسية ثانية، إذ يبدو أن تلك هي النقطة التي تبدأ فيها الأمور تسوء. كانت لنيكسون ووترغيت، إيران - كونترا، وكان لكلينتون الاتهام، وبوش كاترينا والتدهور المطرد في العراق. والآن يبدو أن باراك أوباما أيضا يدخل مرحلة مزعجة من رئاسته تعصف بها الفضائح والمشاكل.

قال لي والدي مرة وهو رجل حكيم إن الفضائح لا مفر منها في الفترة الرئاسية الثانية لأنه يكون هناك الكثير من المسؤولين في الإدارة الحكومية، وبمرور الوقت يكون من المحتمل أن يفعل أحدهم شيئا غير ملائم وهو جدير باهتمام الصحافة ويصل إلى حد اليقين. ومثال ذلك إعداد قائمة انتظار غير مسجلة في مستشفيات الإدارة الحكومية لقدماء المحاربين بقصد جمع حوافز الأداء، أو وقوع سلسلة من الأحداث المؤسفة التي تجعلهم غير قادرين على تقديم استدعاءات المحاكم.

وكما اكتشف جورج بوش أيضا، تصبح السياسة الخارجية أكثر إزعاجا وتعقيدا. قد تشعر خلال فترتك الرئاسية الأولى أنك تبذر بذورا تنتظر أن تنبت لك فواكه. وخلال فترتك الثانية كل ما يحدث حول العالم سينسب إليك من قبل الناخبين (بغض النظر عما إذا كان ذلك عادلا أم لا). فإن كان ما يحدث سيئا ستنخفض معدلات التأييد لك، ولن يكون بوسعك فعل الكثير لأن رئيس الولايات المتحدة ليس هو ولي أمر العالم ولن يمكنه إرسال الدول الأخرى إلى غرفها - كما يفعل الآباء مع أبنائهم - (عقابا لها) حتى تصلح تصرفها.

أما في فترتك الرئاسية الثانية فستفقد مقدرتك على إلقاء اللوم في كل شيء على سياسات سلفك الضعيفة وغير المسؤولة. وفي مرحلة معينة يريد الناخبون أن يعرفوا لماذا لم تتمكن من إنجاز أمر ما إن كنت أفضل بكثير من سلفك.

ليست معدلات الرئيس باراك أوباما حسب استطلاعات الرأي بالسوء الذي كانت عليه معدلات الرئيس جورج بوش في الفترة المماثلة من رئاسته، ولكنها ليست جيدة كما أنها اتجهت خلال الأشهر الأخيرة في الاتجاه السلبي. وبمنعه بضع سنوات من النمو الاقتصادي الممتاز - الذي لم يكن مستحيلا بكل المقاييس ولكنه لم يكن محتما كذلك - فمن المحتمل أن يغادر أوباما منصبه وشعبيته في حدود الأربعين في المائة أو أقل من ذلك ومن المحتمل أن تكون أقل بكثير.

وربما يتوقع أوباما أن يقضي العامين المقبلين وهو يجلس في المكتب البيضاوي بينما تهدّه نزاعات الشرق الأوسط التي ليس لها حلول جيدة، وتحقيقات خدمة المراجعة الداخلية وغيرها من الأحداث ذات الوقع الدعائي السلبي والمطالب بأن يدافع عن تاريخ فترته الرئاسية. ولن تكون له مقدرة على صنع سياسة داخلية مهمة - وقبل أن تفكر في إلقاء اللوم في ذلك على اعتراضات الجمهوريين، حاول التفكير في رئيس آخر قريب قدم إنجازات مهمة في السياسة الداخلية خلال السنتين الأخيرتين من فترة رئاسة امتدت لثماني سنوات. سواء كانت أعمال الرئيس جيدة أو سيئة، فإن معظم ما يقوم به الرئيس يحدث خلال الفترة الأولى، عندما تكون الطاقة عالية والناخبون لا يزالون متفائلين بشكل غير منطقي، ولذلك ربما على الرؤساء التفكير مليا في البقاء لفترة رئاسية ثانية.

في هذا الجو بالذات فإن مقارنة معدلات استطلاع الرأي لأوباما وبوش كافية لتجعلك تتساءل ما إن كان بمقدور أي شخص شغل المكتب البيضاوي بنجاح. وجد رئيسان مختلفان للغاية ولكل واحد منهما أجندة عكست في عدة أوجه توجهاته، أن من المستحيل المحافظة على معدلات التأييد فوق 50 في المائة. وإن لم يستطع أي منهما تحقيق ذلك فمن الذي سيستطيع؟ ويثير ذلك بالطبع سؤالا واضحا: لماذا يريد أي شخص البقاء للفترة الأولى وبدرجة أقل بكثير للفترة الثانية؟

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»