توت عنخ آمون بمحطة كنساس

TT

محطة قطار مدينة كنساس الأميركية واحدة من أشهر محطات القطارات، ليس بالولايات المتحدة فقط، وإنما بالعالم كله. وتسمى المحطة باسم «Union Station»، ويمر على إنشائها في 30 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل مائة عام، حيث جرى افتتاحها رسميا، وخروج أول قطار منها يوم 30 أكتوبر من عام 1914. ولهذا، فقد بدأت المدينة الاستعداد من الآن لاحتفالات ضخمة بهذا الحدث، وسوف يستمر الاحتفال بمحطة القطار حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ومبنى المحطة هو بحق تحفة معمارية ومن أجمل المباني التاريخية التي شاهدتها في أميركا، وقد تحول معظم المبنى إلى متحف رائع لتاريخ السفر بالقطارات، ويعرض ليس فقط نماذج القطارات القديمة، ولكن كل ما كان يتعلق بالسفر من أزياء المسافرين وحقائبهم وأشكال تذاكر السفر وتجهيزات العربات داخل القطار وأزياء العاملين، بدءا من ناظر المحطة وسائق القطار ومساعديه، وحتى عمال المحطة. ولهذا يُعدّ متحف محطة قطار كنساس أهم متحف قطارات بأميركا. وعندما بدأت المدينة التحضير لمئوية المحطة، تسابق الكبار والشباب من الجنسين للتطوع بوقتهم وجهدهم لتزيين المدينة والإعداد للاحتفال، وفي كل مكان تسير فيه بالمدينة تجد إعلانا يحث على التبرع بمبلغ مائة دولار للانضمام إلى عضوية متحف السكة الحديد.

وعلى هامش تلك الاحتفالات، استضافت المدينة معرضا لنماذج آثار توت عنخ آمون، التي قام بنحتها فنانون مصريون على مستوى فني راقٍ، ويحاكي الآثار الحقيقة للملك توت عنخ آمون الموجودة بالمتحف المصري بالتحرير، وهي الآثار التي لا يمكن خروجها من مصر، مثل القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون، الذي يزن 11 كيلوغراما من الذهب النقي الخالص والأحجار الكريمة، وكرسي العرش والعجلة الحربية والمقاصير الذهبية. والمعرض ليس فقط لعرض نماذج مقلدة لآثار توت عنخ آمون بأسلوب مبهر، وإنما هو معرض تعليمي للكبار والصغار يعرض قصة الكشف عن كنوز توت عنخ آمون، وقصة هيوارد كارتر، مع الكشف الذي لا يزال أهم كشف أثري بالعالم. وقد زار المعرض في شهرين فقط 60 ألف زائر أبدوا اندهاشهم من حجرة دفن الملك توت بالحالة التي اكتشفها هيوارد كارتر.

أما الرجل الذي يقف خلف هذا المعرض، فهو الألماني كريستوف شولز الذي قدم الكثير لمصر، وقد قام الرجل بدعوة عدد كبير من الصحافيين ومسؤولي صفحات السفر والسياحة بالجرائد والمجلات العالمية لزيارة مصر على حسابه، لتنشيط السياحة في مصر، ونقل الصورة الصحيحة عن الأوضاع بالمناطق التاريخية والأثرية.

وأذكر أن شولز كان قد تقدم بطلب إلى وزارة الآثار المصرية يبدي فيه استعداده لدعم الآثار المصرية بمائة ألف يورو سنويا، نظير الحصول على موافقة الوزارة ورعايتها لمعرضه كمعرض ثقافي وتعليمي، وللأسف الشديد، كان على رأس الوزارة رجل لمجرد أنه لم يستظرف الألماني لجديته الشديدة رفض العرض، بل إنه رفض التصريح للصحافيين بزيارة مقبرة نفرتاري بالأقصر، وكأنه يحارب السياحة في مصر!

كانت محاضرتي الأخيرة بمدينة كنساس دليلا على حب الناس لمصر وآثارها، حيث نفدت جميع تذاكر المحاضرة بعد طرحها بساعات، واحتشد في قاعة المحاضرة مختلف الأعمار، بل إن أسرا بأكملها جاءت لتسمع أخبار مصر وآثارها وآخر الاكتشافات الأثرية. لن أنسى هذا الجد وهو يقدمني إلى زوجته وابنه وزوجة ابنه وأحفاده الثلاثة وقد اشترى كل واحد منهم كتابا من كتبي وجاء يطلب توقيعي، وقد سألني: «سيدي، لقد زرت مصر وزوجتي ثلاث مرات، وكل أملي أن أزورها مرة أخرى مع أحفادي قبل أن أموت.. هل تعتقد أن هذا سيكون ممكنا في المستقبل القريب؟!».. رمضان كريم!