نوم الصائم وإنتاجيته

TT

أطلعني فريق بحثي على نتائج دراسة جديدة ستصدر بعد أيام عن إنتاجية الصائم في رمضان، وكانت المفارقة عكس الاعتقاد الشائع، وهو أن الموظف الصائم خامل وغير منتج ولا يؤدي عادة عمله على أكمل وجه.

فقد توصلت الدراسة التي أجرتها شركة «موارد» في الكويت عبر فريقها البحثي إلى أن 40 في المائة من العرب المشاركين فيها قالوا إن إنتاجيتهم في رمضان لا تعتبر منخفضة مقارنة مع باقي الشهور. لكن خمس المشاركين (20 في المائة) يرون أن رمضان بالنسبة لهم شهر ذو إنتاجية أقل، ولم يتوصل الباقي إلى إجابة محددة. وقال 40 في المائة إنهم يستطيعون إتمام الأعمال الموكلة إليهم بالجودة المطلوبة أثناء الصيام، ولم يتفق معهم سوى 23.7 في المائة.

أرى أن المشكلة ليست في الإنتاجية بقدر ما هي في الاستعداد لنهار رمضان، لا سيما أخذ قسط كاف من النوم وتناول الغذاء الصحي والسوائل المطلوبة. فالإنسان حتى يؤدي وظائفه الذهنية والبدنية بشكل جيد لا بد أن يأخذ قسطا كافيا من «مرحلة النوم العميق»، وهي التي تحدد مدى جودة النوم. وهذه المرحلة تبدأ بعد نحو 90 دقيقة من النوم والتي تتحرك فيها العينان بطريقة سريعة (REM). ويرتبط مدى قوة نوم الإنسان بمدى جودة «نومه العميق» والمريح بعيدا عن الضوضاء. ولا يختلف اثنان على أن الحد الأدنى من عدد ساعات النوم إذا كان مهما في الأيام العادية فإنه يتضاعف في الصيام، حتى يشحذ الإنسان طاقته ليوم العمل. قرأت الكثير من الدراسات العلمية عن النوم، وهو ما جعلني أتيقن أنه لا يقل أهمية عن الغذاء الصحي المتوازن، فضلا عن أن قضية تثبيت مواعيد الاستيقاظ والنوم مسألة مهمة حتى تنتظم الساعة البيولوجية ويعتدل مزاج الفرد.

وتجدر الإشارة إلى الدراسة التي أجراها استشاري اضطرابات النوم في جامعة الملك سعود د.أحمد باهمام، حيث وجد أن مجموع ساعات النوم في شهر شعبان يتساوى ومجموعها في رمضان. وعزا أسباب الذين «يشكون من زيادة حادة في النعاس خلال نهار رمضان» إلى «التغيير المفاجئ في مواعيد الاستيقاظ». وهذا ما دفعه إلى القول بأن «تثبيت ساعات الاستيقاظ والنوم أمر مهم لضبط الساعة البيولوجية، حيث إن الالتزام بذلك يجعل الصائم يستيقظ تلقائيا من دون منبه»، وكذلك الحال عند النوم «حيث يفرز الجسم هرمون الميلاتونين الذي يدفع الإنسان إلى الإحساس بالرغبة في النوم».

ويبدو أن أكثر سبب يؤخر إخلادنا إلى النوم، كما تشير دراسة «موارد»، هو انشغالنا بوسائل التواصل الاجتماعي (44 في المائة) بينما كانت اللقاءات الاجتماعية السبب الثاني بنسبة 33 في المائة. أما برامج التلفاز والمسلسلات فكانت بنسبة 16 في المائة. وهو ما يظهر بوضوح تأثير وسائل التواصل الاجتماعي واقتطاعها لجزء مهم من مواعيد النوم. لا سيما إذا عرفنا أن ذروة أوقات التواصل الإلكتروني بالوطن العربي هي قبيل النوم كما أعلن موقع متخصص.

ولنكون منصفين، فإنه مهما فعل أولئك الذين يعملون في العالم الغربي في دوام كامل (أكثر من 8 ساعات) لا بد أن يعانوا من مشقة الصيام أكثر ممن يعملون لساعات أقل في الوطن العربي.

[email protected]