تجار المقاومة!

TT

توعد النظام الإسرائيلي الفلسطينيين بالرد «المروع» على مجموعة صواريخ بدائية أطلقتها فصائل فلسطينية من قطاع غزة على الجنوب الإسرائيلي، صدت أنظمة الدفاع الإسرائيلية معظمها، وسقط الباقي في الصحراء من دون أي ضحايا، وبدأ النظام الإسرائيلي عمله؛ قصف جوي مكثف على غزة، مستهدفا بيوتا ومباني وعمائر مختلفة، تسبب في وفاة وسقوط عدد غير قليل من الضحايا، إضافة إلى تلفيات، ودمار في الماديات لا يمكن حصره حتى الآن.

وها هي إسرائيل تكثف تجهيزاتها وعتادها استعدادا لحرب برية واسعة وغزو كامل لغزة، كما يبدو وكما أعلن. بل إن وزير خارجية إسرائيل ليبرمان، المعروف بتطرفه وكراهيته الشديدة للعرب، أعلن «حل» تحالفه السياسي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحزب الليكود (دون أن يستقيل)، وذلك بسبب اعتقاد ليبرمان أن رد نتنياهو على الصواريخ التي انطلقت من غزة باتجاه إسرائيل يجب أن يكون حادا وقاسيا ودمويا بكل الوسائل المتاحة للجيش الإسرائيلي. وهو بهذا الخطاب المتشنج يتودد للقوى المتصاعدة في أواسط المستوطنين والمهاجرين الروس الجدد، القادمين إلى إسرائيل أخيرا بأعداد كبيرة وأموال كثيرة وباتوا قوى مؤثرة جدا في صناعة القرار السياسي والعسكري بشكل واضح.

وهذه المجاميع أصبحت هي القوى الأهم في الساحة الاقتصادية بإسرائيل، وهي التي تكوّن خطط الاستيطان المستقبلية والتوسعات المصاحبة لذلك. الشيء المدهش أن كل ذلك يحصل ويتطور وسط صمت مطبق وتام من سماسرة المقاومة في عالمنا العربي. فها هو حزب الله منشغل في التحول التام لعصابة مأجورة تحمي نظاما يبيد شعبه، وطبعا هو يفعل كل ذلك تحت ذريعة واهية أنه دخل سوريا لحماية مقام السيدة زينب. والشيء المضحك أنه يوجد في كل المواقع السورية من حمص وحلب وحماه واللاذقية، وهي أماكن لا علاقة لها بمقام السيدة زينب. وقد أرسل عناصر للحزب أخيرا للقتال أيضا بالحجة نفسها، وهي الدفاع عن «المقدسات».

سقط مشروع الدفاع عن فلسطين والقدس، وغير ذلك من الشعارات التي كانت ترفع في مسيرات سنوية وتلقى فيها الخطب والقصائد وتوزع فيها الأعلام، ليتبين أن الأمر في حقيقته ما هو إلا مشروع طائفي بحت في منطقة شديدة الحساسية من هذه المسائل الملتهبة جدا.

والأمر نفسه بالنسبة لتوأمه الشيطان أبو بكر البغدادي الذي نصب نفسه خليفة للمسلمين، وقرر أن يقاتل المسلمين في كل من العراق وسوريا ويقطع الرؤوس ويصلب الناس، في مشاهد أقل ما يمكن أن توصف به هي الوحشية والهمجية والغوغائية. كلهم «يبيعون» بضاعة رخيصة ومفضوحة، وكلهم انكشفوا عندما حان وقت الجد ولم يجرؤ أحد منهم أن يقدم على خطوة واحدة ضد العدو الحقيقي الذي يجمع عليه الجميع وهو إسرائيل.

إنها الكذبة.. وهي تذكرنا بموقف سوريا ونظامها الحاكم الذي لم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل المحتلة لأراضيه التي انتهكت أجواءه ولا يملك سوى بوق إعلامي رخيص يهدد، بشكل ببغائي، بأنه لن يسمح بتكرار ذلك مرة أخرى، حتى تحول الأمر إلى نكتة رخيصة جدا!

تجار المقاومة يفضح أمرهم برخص بضاعتهم ورداءة أدائهم وسوء نواياهم. ليميز الله الخبيث من الطيب، يبدو أن مشوار التصفية والتنقية والتطهير الذي يجب أن تمر به المنطقة طويل ومرير، فلن يستقيم الحال بوجود هذا الكم من النفاق المميت باسم الدين بيننا. إنها الكارثة!