استفزازات شارون خطر يجب وقفه

TT

لم تبعث سلسلة الهجمات الاسرائيلية الاخيرة على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية دهشة الذين اعتقدوا دائما ان ارييل شارون يحمل اجندة ضمنية ترمي الى تدمير قيادة الشعب الفلسطيني على كل المستويات. وتراهن اجندة شارون تلك على اشعال حرب اهلية بين الفلسطينيين ينحاز فيها الفصيل، الذي يفترض ان ياسر عرفات يقوده، او بعض قياداته في حال ازاحة عرفات، الى الجانب الاسرائيلي ضد التنظيمات الاخرى مثل «حماس» و«الجهاد الاسلامي».

لقد حاول عرفات وقف هذا السيناريو بالحفاظ على شعلة السلام الذابلة مشتعلة مهما خبت، فأقدم في الاسبوع الماضي على اتخاذ سلسلة اجراءات يبدو انها لم ترض شارون الذي يهدف سرا الى حرمان الفلسطينيين من اي شكل من اشكال القيادة الفاعلة.

وربما يحقق شارون على المستوى التكتيكي انتصارا تكتيكيا سعى الى تحقيقه طوال العام الماضي، ولكن كلفة هذا النصر ستكون باهظة على الجانب الاسرائيلي، فهو ربما يربح لاسرائيل جولة من جولات القتال ولكنه سيخسر مقابلها معركة وجود الدولة اليهودية.

لقد تحولت الطموحات الفلسطينية المشروعة في قيام دولة للفلسطينيين الى قضية عربية واسلامية، كما تحظى بدعم قوي من اصحاب العقول المستنيرة في ارجاء العالم، بما فيه الديموقراطيات الغربية. وعندما يعمد شارون الى دفع المواجهات الراهنة الى حدود قصوى فانه يدفع ايضا باتجاه تشدد مواقف الآخرين من هذه القضية. فضلا عن ذلك، فإن ما يصدر عنه من قرارات وافعال لا تشجع سوى العناصر الاكثر تصلبا في الجانبين، وعدد وافر من المزايدين السياسيين الذين يودون اختطاف القضية الفلسطينية وتوظيفها لخدمة اجنداتهم الخاصة.

ان ما يطرحه شارون يبدو انتحاراً سياسياً للفلسطينيين والاسرائيليين معا، اذ ان فرص اسرائيل في الامن والاستقرار قليلة طالما ان شعوب المنطقة المحيطة بها لا تقبل بوجودها، وهذا القبول مرهون بمنح الفلسطينيين حقوقهم الثابتة في تقرير المصير. الواقع ان سياسة اسرائيل الراهنة تمثل خطرا واضحا على استقرار المنطقة والسلام العالمي، ولهذا ينبغي كبح جماح شارون قبل ان يشعل الحريق في سائر المنطقة ويتسبب في عواقب لا احد يعلم مداها.