الأصولية والمصارحة الكبرى .. هل دقت ساعة الحقيقة؟

TT

لا يمكن فهم عصر التنوير الا اذا اخذنا بعين الاعتبار مسألة التعصب الديني والحروب المذهبية التي فرقت أوروبا طيلة مائتي سنة. ومفهوم التسامح ظهر اصلاً لحل هذه المشكلة: اي مشكلة التعايش بين المذهبين الاساسيين للمسيحية الأوروبية: المذهب الكاثوليكي والمذهب البروتستانتي. وبالتالي فينبغي ان نموضع التنوير داخل سياقه التاريخي لكي نفهمه على حقيقته. فهو قد ظهر لتلبية حاجة ماسة الا وهي: نيل حرية الاعتقاد والضمير، ثم حق الاختلاف في تأويل النصوص المقدسة. وعندما اندلع الصراع بين رجال الدين والفلاسفة فإنه كان يخص ايضاً مسألة التسامح، فعلماء الدين المسيحيون كانوا يعتقدون أن الايمان ببعض العقائد الدينية هو شرط اساسي لا بد منه من اجل النجاة في الدار الآخرة. ومن لا يؤمن بهذه العقائد فهو كافر ومصيره جهنم وبئس المصير. وبالتالي فتنبغي محاربته والتضييق عليه بكل الوسائل. ولا يمكننا ان نتسامح معه لأنه يقع خارج العقيدة اللاهوتية. وبالتالي فمفهوم التسامح لم يكن له اي معنى بالنسبة للاصوليين. انه يمثل ما ندعوه باللامفكر فيه أو المستحيل التفكير فيه. لم يكن أي مسيحي آنذاك قادراً على فهم مطلب الفلاسفة في التسامح. اذ كيف يمكن ان نتسامح مع شخص يرفض الحقيقة الالهية؟ وهل يحق لهذا الشخص ان يوجد على سطح الأرض أو ان يستمر في الوجود؟!.. ولم يكن الاصوليون يقصدون بذلك الفلاسفة والملاحدة فقط، وانما كانوا يقصدون ايضا اتباع المذهب المضاد أو اتباع الاديان الاخرى غير المسيحية، فأتباع المذهب الكاثوليكي في فرنسا مثلاً كانوا يعتبرون الاقلية البروتستانتية بمثابة الكافرة أو المهرطقة وبالتالي فلا يمكن التسامح معها.

نقول ذلك على الرغم من ان البروتستانت كانوا يؤمنون ايضا بالمسيح مثل الكاثوليك، ولم يكن لهم كتاب آخر غير الانجيل!.. ولكنهم كانوا يختلفون عن الكاثوليك في ما عدا ذلك، أي في فروع الدين في الواقع وليس في اصوله (تماماً كما هو عليه الحال في ما يخص الشيعة والسنة، حيث يوجد اجماع على الكتاب والنبوة، اي على القرآن ومحمد، وخلاف في ما عدا ذلك..). هذا يعني ان الاصولي شخص لا يستطيع تحمل اي اختلاف في ما يخص شؤون الدين والعقيدة.

ينبغي هنا ان نقوم بتحليل نفساني للشخصية الاصولية المتزمتة لكي نفهم ذلك. فالشخص الاصولي هو شخص سعيد جداً، ومطمئن جداً جداً على عكس ما نتوهم، انه أسعد خلق الله على الأرض. لماذا؟ لأنه يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، الحقيقة التي لا حقيقة بعدها. وبالتالي فهو يستغرب جداً كيف يوجد أناس آخرون لا يعترفون بهذه الحقيقة او لا يعتنقونها فوراً. انه يعتبر ذلك بمثابة الفضيحة التي لا تحتمل، ولذلك يعتبر شرعياً حذف او تصفية كل شخص لا يؤمن بهذه العقيدة «الالهية». من هنا جرأة الاصوليين على الذبح والقتل. فعندما يصعدون الى الطائرة مثلاً يذبحون المضيفات الجميلات من الوريد الى الوريد دون ان يرف لهم جفن! وفي الجزائر يذبحون الاساتذة والمثقفين امام اطفالهم احيانا كما تذبح النعاج أو الخراف. بل ويذبحون المرأة والطفل وعائلات بأسرها دون ان يسبب لهم ذلك أي مشكلة ضميرية. لماذا؟ لأنهم يطبقون الفتوى وينفذون حكم الله في الأرض، أو هكذا يعتقدون.. اذا لم نموضع الأمور على هذا المستوى من العمق فإننا لن نفهم ابداً ما يجري حالياً وسبب جرأة الاصوليين على ارتكاب المجازر واحتقار الحياة الانسانية.

* ضمانة شرعية

* فمن يمتلك الحقيقة الالهية يحق له كل شيء. وينبغي ان يصل دفاعه عنها الى حد التضحية بنفسه من اجلها، أو الى حد قتل الآخرين. وفي كلتا الحالتين فهو شهيد ومرضي عند الله... ان الفتوى الدينية تقدم للاصولي ضمانة شرعية واطمئناناً نفسياً لا يقدر بثمن.

ولولاها لما تجرأ على القتل، لولاها لاختل عقله أو لجن بسبب ما يرتكبه من اعمال اجرامية. لهذا السبب نقول بأن تفكيك لاهوت القرون الوسطى (أو فقه القرون الوسطى) يمثل ضرورة ملحة حالياً ومستقبلاً. فما دام هذا اللاهوت الظلامي سائداً ومسيطراً على عقلية الملايين، فلا حل ولا خلاص. وسوف يستمر القتل والذبح باسم الله، وعلى بركة الله الى ما شاء الله.. ولكن المشكلة مهولة ومخيفة حقا. فاذا كان المسيحيون الاوروبيون قد ناضلوا طيلة ثلاثة قرون من اجل التحرر من اصوليتهم، فكم يلزمنا نحن؟ ينبغي ان نعلم ان الاشتباك مع اللاهوت الاصولي ابتدأ منذ لحظة سبينوزا في أواخر القرن السابع عشر، ولم ينتصر فعلاً الا بانعقاد المجمع الكنسي المشهور باسم الفاتيكان الثاني عام 1962 ـ 1965. هذا يعني ان مشكلة الاصولية شغلت الاوروبيين طيلة ثلاثة قرون تقريباً قبل ان تجد لها حلاً. فهل يمكننا نحن ان ننتظر طيلة ثلاثمائة سنة؟ بالطبع لا. ولكن يخطئ من يظن ان مشكلة الاصولية عندنا سوف تحل غداً أو بعد غد.. فالمسألة مفصلية وتخص وعي مليار شخص أو اكثر او سوف تشغل القرن الواحد والعشرين حتى منتصفه على الأقل وأما بالنسبة لابن لادن، ومحمد عمر وأشكالهما فيلزمنا الف سنة على الأقل!!.. قد يقول قائل: ولكن التدخل الخارجي وتأثير العولمة المحيطة بنا في كل الجهات سوف يسرع في العملية. ربما. ولكن الحل الجذري لن يأتي الا من الداخل، اي من المسلمين انفسهم. فالمشكلة مشكلتهم في نهاية المطاف، وان كانت قد طفحت على غيرهم مؤخراً وأصابتهم بشاظاياها (أو اكثر من الشظايا في الواقع لأنه من العيب اعتبار تدميرات نيويورك وواشنطن بمثابة شظايا!..) لماذا اقول بأن المشكلة خطيرة، مرعبة، سوف تستغرق وقتاً طويلاً؟ ليس فقط لأني أقارن بين ما حصل في أوروبا وما سيحصل عندنا مستقبلاً وأدرك مدى الجهود التي بذلها فلاسفة اوروبا على مدار عدة اجيال من اجل القضاء على الاخطبوط الاصولي، وانما لأني ادرك مدى خطورة مواجهة الهوية التراثية العميقة. فهي من اصعب الأمور وأشقها على النفس.

* أقسى أنواع الخدمات

* وتحضرني بهذا الصدد كلمة نيتشه التي يقول فيها: ان خدمة الحقيقة هي أقسى انواع الخدمات. من يجرؤ على مواجهة ذاته وحقيقته العميقة؟ ومع ذلك فإن لحظة الحقيقة، بالنسبة للمسلمين، قد اقتربت أو اوشكت ان تقترب. كل الدلائل تشير الى اننا اقتربنا من منطقة الحقائق الكبرى.. ينبغي ان نعلم ان تاريخية النصوص المقدسة سوف تنكشف تدريجياً في العقود المقبلة من السنين. وبانكشافها سوف يحصل زلزال فكري لم يشهده تاريخنا منذ مئات السنين وهنيئاً لمن يعيش لكي يشهد ذلك اليوم الموعود. وكل الحركة الاصولية المنتعشة الآن على مدار مليار شخص لا يمكن فهمها الا على اساس انها محاولة اخيرة ـ ويائسة ـ لعرقلة هذا الحدث الفكري الأعظم الذي تخشاه اكثر من الموت. ولأنه حدث صاعق فإن الشخصية الجماعية لا تزال ترفضه او تتحاشاه أو تشيح ببصرها عنه أو تؤجله خوفاً من عواقبه، هذا على الاقل هو احد التفسيرات الذي نقدمه لظاهرة الاصولية السائدة حالياً. ولذلك قلت بأنه سيحصل بشكل تدريجي لأن الحقيقة اذا ما انكشفت لك فجأة او دفعة واحدة قتلتك في ارضك! هناك حقائق ضخمة لا يمكن الا لأقلية قليلة من الفلاسفة ان يتحملوا وطأتها. واما في ما يخص أغلبية الناس فينبغي ان تقدم على جرعات متتالية كما يقدم الدواء للمريض.

فمن عاش طيلة قرون متطاولة على يقينيات مطلقة لا يستطيع تغييرها بين عشية وضحاها، بل ان ذلك يشكل زلزلة للشخصية الجماعية ويثير ردود فعل هائجة لا يستطيع احد ان يتحمل مسؤوليتها الآن.. ينبغي على الغرب ان يفهم ذلك ولا يقسى في الحكم على المسلمين اكثر مما ينبغي، فهم مغلوبون على أمرهم بعد ان فاتهم الركب كثيراً. كما انهم يعيشون ظروفاً صعبة ومأساوية في كافة النواحي. ولذلك أقول للمثقفين الغربيين وللسياسيين ايضا بألا يستغربوا كثيراً ما يحصل عندنا، بألا يستهزئوا بنا ويعيبوا علينا تخبطنا في مشكلة الاصولية. فهم ايضا تخبطوا في اصوليتهم ولم ينكشف لهم أول الخيط المؤدي الى النور الا بعد ضياع طويل. ويكفي ان يعودوا الى الوراء قليلاً ـ او كثيراً ـ لكي يكتشفوا حجم المعارك الضارية التي خاضها فلاسفتهم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر خصوصاً، بل وحتى العشرين (انظر الأزمة الحداثية la crise moderniste التي اندلعت في بداياته بسبب تطبيق المنهج التاريخي على الانجيل، وكيف انقسم المسيحيون الى قسمين: قسم اصولي متزمت، وقسم ليبرالي متحرر..). نعم ان مفكري اوروبا الاحرار خاضوا اكبر معركة في تاريخ البشرية من اجل تحرير الروح من عقالها، من أغلالها، من أصفادها. نعم انها تمثل اكبر مغامرة في تاريخ الفكر البشري، مغامرة الانتصار على الاصولية، ولكنها لم تحصل بين عشية وضحاها. ولذلك نقول لهم: اعطونا بعض الوقت لكي نحل مشكلتنا مع انفسنا، مع تاريخنا، مع تراثنا، مع اصوليتنا، فقد ضاقت بنا الارض، وتراكمت علينا المشاكل، ولم نعد نعرف من اين نبتدئ.. اننا، نحن ايضا، نمثل شعوباً تصبو الى الحرية والنور، ولكنها شعوب جائعة، مسحوقة، مهانة في كرامتها، في أعز ما لديها.

ويكفي ان تنظروا الى الشعب الافغاني المتشرد على الطرقات والدروب لكي تدركوا حجم مأساتنا وعذابنا.. ولكنه ليس الوحيد. فالشعوب الاسلامية عربية كانت ام غير عربية، هي جائعة أو شبه جائعة وليست كلها اصولية، متعصبة، تكره الحضارة والتنوير كما تتوهم وسائل الاعلام الغربية احياناً. ان فيها طاقات هائلة ـ ورائعة ـ تصبو نحو المستقبل وتتلهف اليه. هناك مئات الآلاف من الشابات والشبان غير الاصوليين وغير المتطرفين.. انهم أمل الغد ووجهه الباسم المشرق..

لذلك اقول بأن مشكلة الاصولية ـ او التعصب أو التزمت او الاكراه في الدين ـ لا يمكن فهمها الا اذا وضعناها ضمن منظور مقارن. وتحضرني بهذا الصدد النادرة التالية: في القرن الثامن عشر أتيح ليسوعي فرنسي ان يزور الصين. واكتشف شعباً منظماً، مهذباً، راقياً الى حد ما في التعامل مع الآخرين. وكانت مفاجأته اكثر من كبيرة. فهذا الشعب الذي لم يقرأ الانجيل، بل وحتى لم يسمع باسم يسوع المسيح، كيف يمكن له ان يكون بشراً!.. هنا تبتدئ مشكلة الاصولي حقيقة. لذلك اقول بأن تدريس تاريخ الاديان المقارن في كل المدارس الثانوية والجامعات العربية والاسلامية يمثل الخطوة الأولى نحو مكافحة الاصولية. فهذا التدريس سوف يكشف عن نسبية كل التراثات التي تقدم نفسها على اساس انها مطلقة، مقدسة، متعالية، وسوف يثبت ان هناك عدة طرق للوصول الى الله لا طريقاً واحداً. وبالتالي فسوف يدفع بالجميع الى قبول فكرة التعايش بين التراثات الدينية المختلفة باعتبار انها تمثل محاولات جادة للوصول الى المقدس، ولكن لا يمكن لأي واحد منها ان يحتكر هذا المقدس لوحده، او ان يعتبر نفسه بمثابة التراث الوحيد الصحيح، وبقية التراثات محرفة، أو مزورة، او مهرطقة، الخ... لا يمكن لمفهوم التسامح ان ينبثق او ان ينزرع في الأرض العربية ـ الاسلامية الا اذا حل التعليم الحديث للدين محل التعليم التقليدي الاصولي الموروث منذ مئات السنين. لذلك قلت بأن المعركة شاقة وطويلة، ولن تحلها طائرات امريكا واساطيلها. لا ريب في ان الانتصار العسكري او السياسي على الجيوش الجرارة للاصوليين وكسر شوكتهم سوف تكون له انعكاسات مستقبلية لا نستطيع منذ الآن تقدير حجمها او ابعادها.

كل ما نستطيع قوله هو ان مشكلة الاصولية اصبحت معولمة لأول مرة، ولم تعد تخص الداخل الاسلامي فقط وانما الخارجي الغربي ايضا. وهذا بحد ذاته حدث كبير في تاريخ البشرية. بل انها لم تعد تخص الخارج الغربي فقط، وانما الخارج الشرقي ايضا. نقول ذلك وبخاصة بعد ان دمرت حركة طالبان تماثيل «بوذا» الغالية جداً على قلب شعوب الشرق الاقصى من هندية، وصينية، ويابانية، الخ... وهكذا اصبحت أصوليتنا في مواجهة شاملة مع الكرة الأرضية بأسرها، الشيء الذي سيعجل حتماً في اضعافها وتفكيكها، ثم لاحقاً، انحسارها، ولكن المسألة لم تحسم بعد، ولن تحسم قبل انتصار القراءة التنويرية للتراث الاسلامي على القراءة الاصولية التي تسري في عروقنا وشراييننا. وهنا سوف نرى ان المعركة الفكرية لن تكون اقل ضراوة وتعقيداً من المعارك العسكرية او السياسية. لكي اوضح مفهوم الاصولية وابين مدى جبروته ورسوخه في اعماق النفسية الجماعية فسوف اضرب مثلاً آخر من تاريخ فرنسا.

* تطور الاعتقاد هل هو زندقة؟

* كان بوسويه Bossuet أكبر مفكر اصولي كاثوليكي في القرن السابع عشر. وقد خلع المشروعية اللاهوتية على سياسة لويس الرابع عشر الهادفة الى استئصال المذهب البروتستانتي من فرنسا. فما هي حجته؟ قال بما معناه: ان الاعتقاد المسيحي على طريقة المذهب الكاثوليكي لا يتغير و لا يتبدل على مدار العصور. انه صالح لكل زمان ومكان، وذلك على عكس الاعتقاد البروتستانتي الذي تغير اكثر من مرة أو تطور وتحول.. ومجرد تطوره او تغيره دليل على زندقته وهرطقته وانه من صنع البشر. هذا في حين ان ثبات المذهب الكاثوليكي على مدار العصور والاجيال دليل على انه الهي بالكامل. وبالتالي فكيف يمكن ان نساوي بين تراث بشري وتراث الهي؟ وكيف يمكن ان نضع البروتستانت الزنادقة على قدم المساواة مع المؤمنين الحقيقيين، اي الكاثوليك؟ معاذ الله! وهكذا أصدر فتوى سحقهم وقتلهم وطردهم جماعياً من فرنسا، وهذا ما حصل بالفعل. فمن لم يقتل منهم، او من لم يتراجع عن مذهبه قبل فوات الأوان هرب سرياً الى البلدان الاجنبية كالمانيا، او هولندا، او انجلترا، أو حتى كندا.. وحصلت عندئذ هجرات جماعية بمئات الالوف ولا يزال الفرنسيون يعتبرون هذه المسألة لطخة عار في تاريخهم، ويخجلون منها، او يعتذرون عنها. ومعلوم ان فولتير، زعيم التنوير الاكبر، خاض كل معاركه ضد الاصوليين بسبب هذا التعصب الاعمى. والآن ماذا يقول الاصوليون الاسلاميون من طالبان وغيرهم؟ انهم يقولون نفس الشيء الذي قاله بوسويه مع فارق واحد: هو ان العقيدة الالهية الوحيدة هي عقيدتهم لا عقيدة بوسويه! لذلك أتفق مع مقالة المفكر الايطالي امبيرتو ايكو والتي نشرت في «اللوموند» مؤخراً. فقد دعا المسلمين الى الاطلاع على تجربة الاصوليين المسيحيين في اوروبا، لأنهم لو فعلوا ذلك لاكتشفوا ان غيرهم يعتقد ايضا، وبنفس القوة، أنه يمتلك الحقيقة الالهية المطلقة.. هكذا نجد ان المنظور المقارن ضروري جداً للكشف عن نسبية كل التراثات الدينية للبشرية على الرغم من عظمتها واهميتها.

اما الاعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة دون بقية البشر فيؤدي مباشرة الى الاستبداد، والتعصب الأعمى، والغاء كل فكر آخر.. وتكون نتيجته الصدام المروع وسفك الدماء.. وهنا تكمن المحنة الرهيبة لطالبان وكل الحركات الاصولية المعاصرة. نعم ان الوعي الاسلامي قد دخل، بدوره، في أزمة كبيرة لا تقل خطورة عن أزمة الوعي المسيحي في اوروبا قبل مائتين او ثلاثمائة سنة... ولن تنحل هذه الأزمة عما قريب. ولكن كما يقول المثل العامي: اذا ما كبرت ما بتصغر...

* كاتب سوري مقيم في باريس