ثقافة الابتسامة

TT

في ظل الحملات الممنهجة للتشكيك في وطنية مساهمات رجال الأعمال داخل مجتمعاتهم وتفاعلهم مع المبادرات الخيرية وتحقيق دورهم التنفيذي في عمل المسؤولية الاجتماعية، لا بد من الإشادة بمن يحاول منهم أن يصنع «الفرق»، وأن يؤسس نهجا مميزا له ويكون صاحب مردود حقيقي ومحسوس ومفيد لقاعدة مهمة من المستفيدين من ذلك، وهناك أمثلة مختلفة مهمة ولافتة في هذا السياق، يأتي على بالي أحد أبرزها، وهو رجل الأعمال الناجح عبد المحسن الحكير «أبو خالد» كما يحلو لأحبابه أن ينادوه.

اتخذ من حديث سيد الخلق الرسول العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه «تبسمك في وجه أخيك صدقة» منهاجا للعمل الخيري والتجاري، فهو اختار طريق صناعة الابتسامة في مجال أعماله من مدن للملاهي تحقق المتعة والألفة والترفيه البري لأفراد الأسرة والمنشآت السياحية، التي انتشرت في سائر أنحاء المملكة العربية السعودية بنجاح وقبول شعبي عريض، ولكن الرجل أخذ الموضوع بجدية أبعد وبفكر مؤسساتي ومهني ومحترف، فأسس الجمعية السعودية للابتسامة.

وغاية هذه الجمعية هي تخفيف «حدة التوتر وإزالة العبوس، ونشر البهجة وبث الروح الإيجابية وسط الناس من مقيمين ومواطنين وزوار لهذه البلاد بالملايين»، وذلك بحسب التعريف الرسمي لنشاط هذه الجمعية الفريدة من نوعها، وللقيام بتفعيل ذلك الأمر تعقد الجمعية لقاءات وندوات ودورات لتوعية الناس بأهمية الابتسامة، وخصوصا أن المجتمع السعودي عرف بالمحافظة والحذر الشديد من الانفتاح على الآخر، وبالتالي تكون ثقافة تكريس الابتسامة نوعا من نشر فكر القبول وكسر مقنن للحواجز الجليدية بين الناس.

لكن هذا الفكر الذي يحث على الابتسامة وإزالة هموم الناس من منطلق حس مسؤولية اجتماعية عالية المستوى وانتماء وطني صادق لا زيف ولا زيادة فيه تطور ليشمل استحداث مجموعة من الغرف الفندقية بأسعار تتراوح بين المجان وأسعار رمزية جدا لمرافقي المرضى وأهاليهم الذين يتكبدون السفر ومشاقه من قرى المملكة ومدنها إلى المدن الرئيسة، التي تحتوي على مراكز طبية رئيسة، وتكون هذه الغرف الفندقية المميزة والمجهزة لتوفير الخدمة بشكل محترم وكريم ولائق على مقربة من تلك المراكز الطبية الكبرى. والشيء المميز في هذه المشاريع هو التوسع الجغرافي الدقيق على كافة مدن المملكة بلا تمييز ولا تفضيل ولا انتقائية.

ثقافة الابتسامة حينما تكون ركيزة للعمل الخيري ومشاريع المسؤولية الاجتماعية تكون القيمة المضافة العظمى، والرجل يحرص في رسائله وتواصله ومقابلاته على تحقيق ذلك بشكل عملي وليس من باب الشعارات، وانعكس ذلك الأمر على مستوى أسرته ومحيط عمله من موظفين وعملاء وعلى دائرته الاجتماعية الموسعة.

الصورة النمطية للسعوديين أنهم مكفهرون لا يبتسمون بسهولة، والرجل الذي يعتبر رائد الحراك السياحي في السعودية تعود منذ تأسيس نشاطاته التجارية أن يكون المرحب المؤهل بالضيوف والعملاء، فانعكس هذا الأمر على مسلك فكري كامل تحول مع الوقت إلى ثقافة تطبق وتستفيد منها شرائح وطبقات مختلفة في مواقع مختلفة.

وهذه النجاحات لن نراها في ميزانيات ولا تقارير مالية ولا بيانات إدارية، ولكنها تتردد بفخر واعتزاز في الأوساط الاجتماعية والاقتصادية كشهادة حق بحق رجال الأعمال المخلصين الوطنيين، الذين لا تزال البلاد تزخر بهم وهم بحاجة لأن تروى قصصهم حتى تظل الروح الإيجابية موجودة في هذا القطاع الحيوي من اقتصاد البلاد.

الابتسامة لها أسرار، ومن أسرارها أنها كانت «شرارة» مهمة من شرارات نجاح عبد المحسن الحكير.