ليس هناك ديمقراطية «نقية»

TT

إنني من كبار المعجبين بكاتب «واشنطن إيكسامنر»، فيليب كلاين، ولكنه أخفق بالفعل هنا.. فالنقطة المهمة التي يجب أن نتذكرها هي أنه لم يُقصد أبدًا للولايات المتحدة أن تكون ديمقراطية نقية، بل جمهورية نيابية.

وكما يقول المنظِّر السياسي روبرت دال، فإن مصطلحي «الديمقراطية» و«الجمهورية» أفضل ما يمكن استخدامهما كمترادفين. صحيح أن ماديسون وغيره من كتاب القرن الثامن عشر لم يستخدموهما بتلك الطريقة، ولكن بالنسبة لنا فإن تقليد لغتهم لا يعدو البحث عن المشكلات. والفرق الرئيسي كما قال دال هو ببساطة تلك أن كلمة من اللغة الرومانية، وأخرى من اليونانية، والقول إن الولايات المتحدة يفترض أن تكون جمهورية وليست ديمقراطية كالقول إننا نفضّل أكل لحم البقر لا البقر.

في الواقع، إن ما قصده ماديسون هو أنه ليس هناك علاقة كبيرة للديمقراطية بأثينا، وأن الدستور ليس له علاقة كبيرة بالتأكيد بروما. كان هناك ولع بكل ما هو روماني في أواخر القرن الثامن عشر، وكان يبدو من الطبيعي تفضيل المصطلح اللاتيني، حيث أطلق على أحد المجلسين في التشريع الجديد كلمة «سينيت» (مجلس الشيوخ)، على الرغم من أن أيا من المصطلحين لا ينطبق على المؤسسة الرومانية.

وبينما يحسن استخدام مصطلحي «الديمقراطية» و«الجمهورية» كمترادفين فلا يفي أي منهما بالغرض، لأن هناك أنواعا مختلفة من الديمقراطيات تختلف في عدة أبعاد. فيمكن للديمقراطية أن تكون مباشرة أو نيابية، كما يمكن أن تكون ديمقراطية أغلبية أو يمكن أن تركز على نفوذ الأقلية، وفي تلك الحالة يمكن أن نطلق عليها ضد الحق المطلق للأغلبية.. «أو ربما الماديسونية على الرغم من أنه يمكن استخدام مصطلح الماديسونية لمجموعة كاملة من الديمقراطيات المختلفة في الدستور الأميركي». فيمكن أن تكون فيدرالية أو موحدة. وإن شددت على عملية اتخاذ القرار فربما كانت تداولية. وهناك مجموعة كبيرة من الأنماط المتباينة.

الذي لا يمكننا قوله هو أنه يمكن لمجموعة معينة من العوامل صنع نوع معين من الديمقراطية «النقية».. ليس هناك مثل ذلك؛ الديمقراطية الأثينية؟ حسنًا، لقد اخترعوا كل شيء بصورة ما، لكن أفكارهم حول الديمقراطية (وأفكار روما حول الجمهورية) غريبة عن كل شيء عرفناه خلال الألفي سنة الماضية، وغني عن الذكر أن إطلاق الديمقراطية «النقية» على نمطهم مربك أكثر مما هو مفيد لمفاهيمنا الحديثة.

إن مقارنة ديمقراطية الولايات المتحدة بالنقاء تشجع على التفكير الغامض بما في ذلك الأعذار لبعض ما يبدو أنه ممارسات غير ديمقراطية ليس لنا من سبيل أخرى لدعمها. ولاحظوا أنه ما من أحد يتحدث أبدًا عن الجمهورية «النقية»، مهما كان ذلك. ولاحظوا أيضا أن الديمقراطية «النقية» هي بصفة عامة مصطلح محفوظ لانتقاد أي ديمقراطية حقيقية يجري نقاشها.

ولا يحتاج دستور ماديسون إلى دفاع غامض، بل يمكن ويجب دعمه باعتباره نسخة قوية للديمقراطية. هو ضد الحق المطلق للأغلبية، نيابي وفيدرالي مع الكثير من التداول المتأصل. وهو ليس كاملاً ولا يمكن للتمثيل غير المتناسب للشيوخ أن يدافع بنجاح عن المبادئ «الديمقراطية» أو «الجمهورية». وهو لا يعدو كونه خطأ سياسيًا علقنا فيه. فعندما يخطئ الفلاحون فعلينا الاعتراف بذلك. وليس إيجاد العذر له على أساس لعبة الدلالات اللفظية.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»