بغداد.. سيناريو الأفغنة

TT

حرصت على قراءة الصحف العراقية ومتابعة تصريحات الزعماء العراقيين خلال الاسابيع الاخيرة، وخاصة بعد حرب أفغانستان، فوجدت انه لم يتغير شيء في بغداد سواء في اللغة المستخدمة او في السلوك والتعاطي مع قضية جدية بحجم حرب أفغانستان. الرئيس العراقي يضحك على نفسه حينئ يطالب بقمة عربية في مكة المكرمة، ولا ندري لماذا مكة المكرمة بالتحديد، ولا ندري ان كان هناك جديد لدى بغداد يمكن ان تقوله في مكة غير ما قالته في قمة الأردن الماضية، وما ستقوله في قمة بيروت القادمة الذي هو نسخة مكررة لخطاب ممل استمر لأكثر من عشر سنوات حيث تتغير الدنيا ولا يتغير ذلك الخطاب المحنط.

طه ياسين رمضان يؤكد «موقف العراق الثابت وقدرته على التصدي لأي اعتداء أميركي» وهو يعتقد ان مجلس الأمن اصبح ادارة تابعة لأميركا، وان القوة الأميركية ستهزم في بغداد، وطارق عزيز يؤكد في حفلة افتتاح مهرجان المربد انه ليس هناك موقف قومي للعرب سوى موقف العراق الصامد، ويؤكد «استعداد العراق لأية ضربة أميركية محتملة»!!.

اذا استمر الموقف العراقي الذي يغرد خارج سرب الحقائق السياسية، والذي يرفض قراءة المستجدات في الوضع العربي والدولي، فان حكام بغداد سيفاجأون هذه المرة بواقع جديد، وحرب جديدة لا علاقة لها بالعمليات التجميلية التي كانت تقوم بها الطائرات الأميركية، وستفاجأ القيادة العراقية بأن من تعتقدهم الصقور والحمائم في واشنطن، هم في النهاية يشكلون ادارة أميركية واحدة ستقوم بما قامت به في أفغانستان رغم كل التباينات الظاهرة في تصريحات المسؤولين الأميركيين قبل حرب أفغانستان.

ستفاجأ القيادة العربية بوضع عربي جديد، حيث وقعت اليمن اتفاقية أمنية مع أميركا، وحيث تقوم طائرات الهليكوبتر اليمنية بقصف معاقل تنظيم «القاعدة». وستفاجأ بأن الأردن اعلن حتى قبل تشكيل القوة الدولية المشتركة استعداده لارسال قوات أردنية لحفظ السلام في أفغانستان، وستفاجأ القيادة العراقية بأن الفلسطينيين وقيادتهم تعلموا دروسا كبيرة من حرب الخليج الثانية، وكانوا اول من ادان احداث الحادي عشر من سبتمبر، وستفاجأ بأن الموقف الروسي والصيني والفرنسي المتردد ستتغير لهجته وقراءته للأحداث لو ان قرارا أميركيا حاسما اتخذ لضرب العراق، وستفاجأ بأن هناك تحالفا شماليا وربما تحالف جنوب داخل العراق من عراقيين سيكونون رأس حربة أية حرب حقيقية لاسقاط نظام بغداد، وستفاجأ بالكثير من الحقائق المرة والصعبة.

اذا استمر العناد، ورفض عودة المفتشين، واستمرت اللغة المحنطة في بغداد، فان الاحداث ستتلاحق بشكل دراماتيكي، وستصل الامور الى مرحلة اللاعودة.

الكرة الآن في ملعب بغداد، وربما ان الوقت لم يمض بعد للسماح لعودة المفتشين ولاحترام قرارات الشرعية، وللطلاق مع لغة العناد والفوقية، وهذا وحده ما يمكن ان يوقف سيناريو أفغنة العراق. نقول ربما ان الوقت لم يمض بعد.. لأننا لسنا متأكدين من صحة هذه المعلومة.