نحو استراتيجية فلسطينية جديدة

TT

مع اعلان حركة الجهاد الاسلامي ـ بعد حركة« حماس» ـ قرارها الوقوف مع الاجماع الوطني الفلسطيني ووقف العمليات العسكرية في اسرائيل، يكتمل اعلان «حسن النيات» الفلسطينية حيال خيار الحل السلمي في المنطقة، من جهة، ويتأكد، من جهة أخرى موقع رئيس السلطة، ياسر عرفات، على مستوى القيادة الفلسطينية.

من الواضح ان مبادرة وقف اطلاق النار اتت من رئيس السلطة الفلسطينية، وكرة الحل السلمي اصبحت الان في ملعب اسرائيل.

ولان القرار الفلسطيني يأتي في وقت علّق فيه حزب الله اللبناني، ايضا، هجماته على القوات الاسرائيلية التي لا تزال تحتل ارضا لبنانية في مزارع شبعا، قد يعتقد البعض ان ما حصل، ميدانيا، هو شكل من اشكال «مهادنة» المحتل الاسرائيلي في حين ان ما تشهده المنطقة هو استراتيجية مقاومة جديدة من شأنها ارباك «المنطق» الشاروني واحباط مسعاه لرفض التسوية بداعي التركيز على مواجهة العنف، فالقرار الفلسطيني يسحب من يد ارييل شارون و المتطرفين في حكومته ورقة استغلال الانتفاضة الفلسطينية كذريعة لارتكاب اقسى اشكال القمع والاضطهاد بحق الشعب الفلسطيني بداعي محاربة «الارهاب».

الا ان نجاح الاستراتيجية الجديدة يتوقف، الى مدى بعيد، على توفر شرطين اساسيين: الالتزام الجدي بقرار وقف اطلاق النار لحرمان ارييل شارون من اي ذريعة كانت للعودة الى اجتياح اراضي السلطة وقصف المناطق الاهلة بالسكان المدنيين عشوائيا، وبتقديم الجانب الفلسطيني لخطة تسوية واحدة وموحدة... فالوقت قد حان لان يأخذ الجانب الفلسطيني المبادرة في طرح شروطه للتسوية عوض الاتكال على الولايات المتحدة لتقديم خططها بهذا الشأن. واذا كان من شأن اتفاق الفلسطينيين، في هذه المرحلة، على مبادرة تسوية موحدة وواقعية، تعزيز الموقف التفاوضي الفلسطيني، فمن شأنه ايضا تحديد الثوابت القومية لاي حل مقبول فلسطينيا وعربيا بعد التضحيات الجسام التي بذلتها الانتفاضة.

يبقى ان عودة الفلسطينيين الى خيار التفاوض يستدعي عودة الولايات المتحدة ايضا الى لعب دور «الراعي» المنصف للتسوية النهائية، انطلاقا مما سبق ان اعلنته عن التزامها بقيام دولة فلسطينية «قابلة للحياة»، كشرط اساسي لعودة السلام والاستقرار الى الشرق الاوسط.