هل أتاك نبأ المنعطف؟

TT

هل أتى على الصحافة العربية حين من الدهر لم تقل فيه إننا نعيش في أزمة ونمر بـ«منعطف خطير» و«ظرف دقيق»؟

على حد علمي لم يحصل هذا، ولكن ما هو حجم المبالغة والحقيقة في هذا الوصف حول المنعطف الحرج الدقيق الخطير «الخالد» الذي حكم على العرب بالبقاء فيه مثل أهل الأعراف، لا في الجنة ولا في النار؟

لو ارتضينا بمائة عام من الخطورة والحساسية العربية، لا مائة عام من العزلة، أي منذ 1914 إلى 2014، عامنا الحالي الذي توشك شمعته على الذبول.. فهل كل سني هذا القرن حرجة وخطرة ودقيقة وانعطافية؟

ما من شك أن هناك مبالغة وسوداوية في قول هذا. فهناك لحظات بهيجة، فوارة بالأمل والعمل، وكل دولة عربية مر بها شهر أو أكثر من العسل، لكن لا بد من استذكار منعطفات عربية حقيقية، غيرت الماضي وشكلت الحاضر، وأبادت جيوشا وقوضت عروشا، وبعثرت جماهير وجمهوريات.

من هذه اللحظات حرب العرب بقيادة الشريف حسين على الدولة العثمانية، بعون الإنجليز، وانهيار الملكيات العربية بتأثير حرب فلسطين، بشكل أو بآخر في بداية النصف الثاني من القرن المنصرم وحتى نهاية عقده ذاك، في مصر والعراق وليبيا واليمن. وكانت هزيمة عبد الناصر والعرب ومصر في حرب 67، على يد إسرائيل، من أكثر المنعطفات حدة وشراسة، لنصل إلى قيام ثورة الملالي بقيادة الخميني في إيران، وتصدير النموذج الخميني للمنطقة، ثم المنعطف الكبير، وهو غزو صدام للكويت، وتفاعلات هذا الغزو عربيا وإسلاميا ودوليا، وفكريا واجتماعيا وإعلاميا.

حاليا بعد انهيار ما سمي الربيع العربي، الذي هبت رياح خماسينه نهاية 2010، وكشفت عن واقع بئيس للعرب، ها نحن نحصد ثمار اندلاع الحروب الدينية والطائفية في المنطقة.

هناك دول أفلحت في كل هذه الامتحانات و«المنعطفات» في العبور من المضيق، والنجاة من الحريق، لكن هذه النجاة لم تكن صدفة أو عفوية، بل زبدة عمل ومنهج.

من هؤلاء، دول الخليج، والمغرب والأردن، ومن دول الخليج نسمع النصيحة التالية من أيقونة لامعة من أيقونات النجاح، حاكم دبي ورئيس مجلس وزراء دولة الإمارات، ونائب رئيسها، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

في كلمة له في «المنتدى الاستراتيجي العربي»، المنعقد بدبي لاستشراف مستقبل المنطقة في 2015، أكد الشيخ محمد أن المنطقة العربية مقبلة على تغيرات اقتصادية وسياسية واجتماعية متسارعة خلال الفترة المقبلة.

وأضاف عن تجربة الإمارات: «بدأنا مبكرا في دراسة المستقبل وما يحمله من تغيرات، مما ساعدنا بشكل كبير على اتخاذ الكثير من القرارات والسياسات الصحيحة». وعن مشكلات الجوار، قال: «نحن ضمن جوار إقليمي أكثر تعقيدا، واقتصاد عالمي أكثر ترابطا، وعالم تقني أسرع تغيرا من أي وقت مضى، ولذلك تتضاعف الحاجة للاستثمار بشكل أكبر في معرفة المستقبل».

حين يتحدث رجل كهذا عن منعطف مهم، فهو حقا كذلك، والفطن من تجنب الفتن.

[email protected]