هل تصلح الأرض لنا؟

TT

حينما تكره الواقع تهرب للخيال، تتلحف برداء المجهول، هربا من أسمال المعلوم. هذا هو واقع البشر الآن، تحديدا في الشرق الأوسط، وما ذاك إلا لتكالب المصاعب، وفوران الأرض بالقلق، مع سكاكين «داعش» المشهرة، وعمائم الأمة الخمينية المكورة، مع هذا: البطالة، وزيادة السكان، وسلاسل الحروب، والفوضى، والجرائم في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا.. ماذا بقي؟ نعم، مالي ونيجيريا والصومال وأفغانستان وباكستان.

بعيدا عن الفساد السياسي والجذام الذهني الذي هو من صنع البشر الخالص، ثمة مشكلات لا تفرق بين لون ودين، مشكلات تضرب كوكب الأرض كله.

هناك انفجار سكان الكوكب، والأرض تميد بأهلها، بضغط حاد على الطعام والماء وحتى الهواء، ناهيك طبعا عن حديث الطاقة، وما هو عنها بالحديث المرجم.

غير أن مشكلة المشكلات، هي ظاهرة الاحتباس الحراري واختلال نظام البيئة، وهي مشكلة تحولت بحسب ملاحظة بعض الباحثين إلى آيديولوجيا علمانية إنسانية جديدة.

هناك، وهم التيار الأغلب في الغرب، من يرى أن فساد البيئة وانمحاء أنواع الحياة وذوبان الجليد، هو من صنع البشر، بسبب جشعهم على الموارد، وأنه لذلك يجب وضع قيود تحد من الانبعاثات الغازية الضارة.

وهناك تيار آخر يرى أن ثمة مبالغة مسيسة في الأمر، وخلطا بين ما هو علمي وما هو سياسي، وأن الضحية هي الدول النامية بشكل رئيسي.

دورية «نيتشر» العلمية نشرت تقريرا قالت فيه إن معدل الانقراض الحالي بلغ 41 في المائة للنباتات و26 في المائة للثدييات و13 في المائة للطيور، مما رأى فيه العلماء القائمون عليه مؤشرا لانتهاء مظاهر الحياة على كوكب الأرض بعد مائة عام، كحد أقصى، بسبب التغييرات المناخية «الناجمة عن ممارسات الإنسان نفسه»، بينما قال علماء آخرون من الدنمارك وغيرها إن الحديث عن الاحتباس الحراري دوافعه سياسية أكثر منها علمية، كما ذكر بجارني أندرسون الأستاذ بجامعة كوبنهاغن.

في كل حين يخرج لنا خبر عن رصد كويكب أو نيزك قد يصيب الأرض ويدمر الحياة عليها، أسوة بما جرى في الزمن السحيق حين دمر كويكب قاتل حياة الديناصورات على الأرض.

في هذه الأثناء تتوالى الرحلات العلمية للكواكب القريبة والبعيدة عن الأرض، للبحث عن حياة أخرى، خصوصا في جارنا الأحمر كوكب المريخ. ووكالة «ناسا» تتحفنا بالصور والأخبار عن العالم البعيد كل حين.

نعم، هناك شغف علمي، وهدف اقتصادي من كل هذه الجهود، لكن ذلك يخفي أيضا ضجرا وقلقا من ارتفاع معدلات الخطورة في البقاء على كوكب الأرض.

من يطيق العيش في مكان يتقاتل فيه البغدادي مع سليماني ونصر الله؟ الحوثي مع الوحيشي والزنداني؟!

المتضرر الأكبر من هذا الفساد في الضمائر وتدمير الحياة، هو صورة الدين نفسه، لذا لم يكن غريبا حديث شيخ الأزهر أحمد الطيب عن انتشار الإلحاد في مصر والعالم العربي لأسباب منها انتشار التطرف الديني.

«داعش» وحواضنها الاجتماعية أخرجت الناس من دين الله أفواجا..

[email protected]