الواحات البحرية تبوح بأسرار جديدة!

TT

الواحات البحرية من أجمل المناطق سحرا وجمالا طبيعيا، تبعد مسافة 350 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من القاهرة. ومنذ نحو العام باحت الواحات البحرية بأسرار جديدة لأول مرة، ورغم أن هذه الاكتشافات تعتبر فريدة ومهمة، لكن للأسف الشديد لم يدرك المسؤول عن الآثار في ذلك الوقت أهمية الإعلان عالميا عن تلك الاكتشافات، بل لم يكن يهتم بأي شيء! سواء الاكتشافات الأثرية أو الترميم. ودائما ما أقول: إن ما كشف حتى الآن بمصر يمثل 30 في المائة فقط من آثارها، وما زال هناك الكثير من الكنوز مدفونة في باطن الأرض، وأن رمال مصر ما زالت تحمل لنا الكثير من الأسرار.

أما عن قصة الكشف الأول: فقد جاء مواطن يعمل في محاجر الرخام ليخبر محمد عيادي، مدير عام آثار الواحات البحرية، أن هناك منطقة بها حفرة كبيرة، وتأخذ شكل تمثال ضخم، وأن ساحرا جاء إلى الموقع، وبدأ يرتل بتعاويذ سحرية، ثم أخبر الناس بأن هناك كنزا دفينا في هذا المكان، وبدأ الناس في الحفر حتى وصلوا إلى عمق 4 أمتار دون أن يعثروا علي شيء. وبعد معاينة الأثريين للموقع اتضح أنه محجر قديم للحجر الجيري، وأن هذه هي المرة الأولى التي يعثر فيها بالواحات على محجر من هذا النوع.

وقد أسعدني الكشف شخصيا لأنني عندما عثرت على مقبرة «جد - خنسو إيوف عنخ»، حاكم الواحات البحرية، في عصر الأسرة السادسة والعشرين من العصر الفرعوني، عثرنا على تابوته الضخم داخل المقبرة، ويزن أكثر من 60 طنا، ويأخذ الشكل الآدمي، قلت إن حاكم الواحات أرسل بعثة لإحضار الحجر الجيري من المحاجر الملكية بطرة، وإن هذا عبارة عن مجهود جبار أن ينقل هذا الحجر إلى مسافة 400 كم من طرة إلى الواحات! ولكن كشف هذا المحجر حل اللغز الذي راودنا نحن الأثريين، وأن كل التوابيت المصنوعة من الحجر الجيري جاءت من هذا المكان.

ويقع الكشف الثاني بجوار مقصورة «واح إيب رع» بالواحات البحرية، وهو اسم الملك أحمس الثاني أو «أمازيس» أحد حكام مصر في العصر المتأخر، وهذه المقصورة عثر عليها أحمد فخري - العالم الأثري المصري - الذي اهتم بالواحات البحرية وعمل في الحفائر سنوات طويلة وكشف عن الكثير من الآثار الهامة.. أما الأثريون بالواحات فقد كشفوا عن امتداد للمقصورة وبها الكثير من الألقاب الخاصة بالملك «أمازيس».

أما الكشف الثالث والأخير فهو عبارة عن مومياء رائعة لفتاة صغيرة في السن عاشت في العصر البيزنطي، وعثر على المومياء داخل مقبرة بمنطقة الجارة بالواحات البحرية، والمومياء مغطاة بطبقة من الجص الملون؛ بشكل آدمي لامرأة جميلة تلبس ملابس فضفاضة، ويزين رأسها بشال رائع جميل، وهذه المومياء معروضة الآن داخل متحف المومياوات الذهبية بمدينة الباويطي عاصمة الواحات البحرية. وأعتقد أن المكان الطبيعي لهذه المومياء هو المتحف القبطي بالقاهرة، وجمال المومياء وروعتها تجعل الناظر إليها يحس بجمال فن هذا العصر.

أحزنني أن أهل الواحات يعانون لعدم وجود سياحة منذ عام 2011م، وأن كل الفنادق مغلقة رغم أن قطاعا كبيرا من أهل الواحات يعيشون على العمل في قطاعات السياحة.. أتمنى أن تعود السياحة لمصر هذا العام؛ وأتمنى أن نعلن للعالم كله أن مصر آمنة وستظل بلد الأمن والأمان.. بلد الاكتشافات الأثرية المثيرة