الزعامة الأحادية والديمقراطية «الخارجية»

TT

أربعة أشهر تكاد ان تنقضي على كارثة 11 سبتمبر (ايلول) 2001 والولايات المتحدة لا تزال تسعى جاهدة للتوصل الى جواب مقنع على السؤال الكبير الذي طرحته بعد الكارثة: «لماذا يكرهوننا؟».

ان يطرح الاميركيون انفسهم هذا السؤال أمر يعتبر، بحد ذاته، بداية متواضعة لمواجهة ما اكتشفوه بعد 11 سبتمبر الماضي، من «مشاعر عدائية» تجاه قيادة بلدهم الاحادية لعالم ما بعد الحرب الباردة. وفي هذا السياق قد يكون ابرز ما اظهره استطلاع للرأي أجراه معهد «بيو» الاميركي للابحاث، بين من وصفهم بـ«النخبة» من قادة الرأي في 24 بلدا مختلفا، قناعة الرأي العام الخارجي بأن الولايات المتحدة لم تأخذ في الحسبان «مصالح» شركائها في ادارتها للحرب على الارهاب (ونسبتهم بلغت 62 في المائة) مقارنة بقناعة الاميركيين بأنهم، على العكس من ذلك، أخذوا هذه المصالح بعين الاعتبار (ونسبتهم 70 في المائة).

وتبرز فجوة أخرى اوسع بين مواقف الاميركيين وغير الاميركيين في رد النخبة من قادة الرأي على سؤال عما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة توسيع نطاق الحرب على الارهاب الى خارج حدود افغانستان، ففيما بلغت نسبة الموافقين على التوسيع، بين الاميركيين، 50 في المائة لم تتجاوز هذه النسبة الـ29 في المائة فقط خارجها. إذا جازت الاستعانة بهذ الاستطلاع مؤشرا أوليا لاتجاهات الرأي العام الاميركي، من جهة، والخارجي من جهة أخرى، يمكن توقع استمرار اتساع الفجوة القائمة بين مواقف الاميركيين ومواقف الآخرين من القضايا الرئيسية في عالم ما بعد الحرب الباردة عوض تقلصها، الامر الذي يعني، استطرادا، ان الرأي العام الاميركي سيكون في واد والرأي العام الخارجي في واد آخر.

ولأن الولايات المتحدة هي الدولة القائدة في عالم اليوم والجهة التي يقع على عاتقها، قبل غيرها، حفظ استقراره وامنه، فقد يكون الوقت قد حان لأن تعتمد آلية أكثر دقة في قياس تطلعات الرأي العام الخارجي لعالم آمن ومستقر، آلية تستند الى المصلحة الاميركية والخارجية المشتركة ـ كونها تصب في نهاية المطاف في مصلحة السلام العالمي ـ وتنأى قدر الامكان عن ضغوط منظمات «اللوبي» الداخلية التي يصح القول بأنها «تشوّه» القرار الاميركي المسؤول. وبالفعل برزت الحاجة الى هذه الآلية من خلال الاتصالات التي أجرتها واشنطن، مباشرة او بالواسطة، مع العديد من دول العالم في سياق التحضير لردها على الهجمات الانتحارية على واشنطن ونيويورك العام الماضي.

قد تكون هذه النقلة النوعية المطلوبة في قيادة الولايات المتحدة للعالم البداية العملية لما يمكن اعتباره عصر «الديمقراطية الخارجية» للولايات المتحدة... وهو عصر يبدو انه اصبح، بعد 11 سبتمبر الماضي، ملازما للزعامة الاحادية للعالم.