انتصار إسرائيل العظيم!

TT

يبدو ان الاسرائيليين قد تطبعوا ببعض طبائعنا التي دفعنا بسببها ثمنا غاليا في صراعنا مع اسرائيل، وعلى رأس هذه الاطباع قضية المبالغة الى درجة انه لم يعد يصدقنا احد في الرأي العام العالمي، بل اصبحنا لا نصدق انفسنا.

في حرب حزيران 1967 كان أحمد سعيد يلعلع من اذاعة القاهرة عن اسقاط مئات الطائرات، وكنا نتحدث عن انتصاراتنا على العدو بينما كانت المدن العربية في مصر وسوريا والأردن تسقط تباعا. وفي عمليات المقاومة الفلسطينية كنا نجرح اسرائيليا فنعلن عن مقتل عشرين من «عناصر العدو»، بل احيانا يستشهد لنا شهيد فنعلن عن استشهاد عشرة للتفاخر بالموت.

اسرائيل في تعاملها مع قضية سفينة السلاح «كارين ايه» التي اختطفت من البحر الأحمر الى ايلات تبدو متفوقة علينا في المبالغة وتأليف القصص وادعاء البطولة، محاولة التأثير على مهمة زيني، والدخول على خط حرب الارهاب الدولي، فاسرائيل تعلن انها ارسلت طائراتها المقاتلة وسفنها الحربية الى السفينة المختطفة وانها كانت تبلغ الولايات المتحدة بتطورات العملية ساعة بساعة. ومن يسمع الرواية الاسرائيلية يعتقد ان اسرائيل اختطفت حاملة طائرات أميركية عملاقة وليس سفينة صغيرة لا حول لها ولا قوة، تحمل ثلاثة عشر بحارا.

اسرائيل ابلغت الصحافة العالمية بعقد مؤتمر صحافي فوق سطح السفينة في ايلات ثم اعلنت تأجيل ذلك من اجل افراغ الاسلحة حماية للصحافيين، ولا ندري ماذا يمكن ان يفعله صحافي فوق سفينة خالية من «آثار الجريمة!».

والمبالغة الاسرائيلية وصلت الى ذروتها في الخيال عند الحديث عن طريقة السيطرة على السفينة. فالبحرية الاسرائيلية تقول انها قد اسقطت شبكة حديدية على السفينة من خلال طائرات هليكوبتر، وان رئيس اركان اسرائيل كان يشرف بنفسه على العملية ومعه قائد سلاح الجو والبحرية والاستخبارات، وان شارون ارسل رسالة تحية على النجاح الباهر للجيش، في حين قال وزير الدفاع «ان هذا دليل على ان لدينا افضل مخابرات في العالم».

واوضح ان السفينة المزعومة هي سفينة صغيرة لا تمتلك مقاومة مسلحة، وواضح ان الطريقة التي استخدمتها ـ اذا كانت الرواية اصلا صحيحة ـ هي طريقة بدائية. فهل هناك «شطارة» في اخذ سفينة والابحار بها وتمريرها عبر قناة السويس ثم الى ساحل ايلات، والجميع يعلم طبيعة المراقبة الاسرائيلية للبحر.

رواية السفينة المخطوفة هي دليل افلاس، واسلوب في الكذب لن يجد من يصدقه، وحتى واشنطن التي تدعم اسرائيل بدون حدود شككت في الرواية الاسرائيلية.. اللهم لا شماتة!