المسجد... مصدر إعلام وثقافة

TT

خطاب وزير الشؤون الاسلامية السعودي في افتتاح ندوة مغلقة في الرياض حول دور ومهام أئمة وخطباء المساجد يضع اليد فوق الجراح في قضية طالما كتبنا وكتب غيرنا فيها، وهي اهمية اعادة النظر في اوضاع خطباء المساجد، واعادة تثقيف عدد كبير منهم، وضرورة الاستفادة من لقاء المسلمين في كل يوم جمعة للاستماع الى الخطبة، وهي فرصة لا تتكرر لأي دين ولا معتقد، وهي فرصة يمكن الاستفادة منها للوعظ الديني المستنير، وللدعوة الاخلاقية المطلوبة، ولربط الانسان بوطنه وبالتنمية وبقضايا العصر.

ما قاله الوزير السعودي في تشخيصه لواقع الائمة والخطباء يستحق التوقف، فهو يتحدث عن «كثير من المخالفات الشرعية وعدم العمق في العلوم الشرعية» ويتحدث عن خطب في المساجد فيما آلاف الاجتهادات وأئمة لهم في الصلوات عشرات الاجتهادات» وطالب بضرورة الارتقاء في النظر الى المشكلات وطريقة معالجتها.

المسجد وسيلة دينية واعلامية خطيرة، وخطب الائمة يستمع اليها مليارات المسلمين كل يوم جمعة، وهي فرصة نادرة للتوعية والوعظ، وربط الدين بالحياة وبالعمل وبالمشكلات الجديدة، وباظهار روح الاسلام كدين وسط، يرفض التطرف ويحافظ على حياة الانسان، ويحترم الاخرين ومعتقداتهم، ولانها مهمة خطيرة فيجب ان يتصدر لها من لديهم الدراية والعلم والثقافة العامة، وهذا يتطلب اعادة نظر في طريقة اعداد الدعاة والائمة بحيث يحصلون على العلم الشرعي، وعلى العلوم الحياتية الجديدة، ويفهمون الدين بعيدا عن الغلو الذي شهدناه ودفعنا بسببه ثمنا باهظا.

هناك اساءة فادحة ارتكبت بحق الاسلام، وتسببت في الاساءة الينا، والى ثقافتنا، وتصويرنا وكأن ديننا مرتبط بالعنف والارهاب، بينما العكس هو الصحيح، وحماية اعراض واموال وارواح الناس هي اوجب واجبات المسلم، حيث يدعو الاسلام الى التوسط، وفهم الدين والدنيا، ولكن بعض من تصدروا الخطابة والامامة والوعظ، راحوا بعيدا في اجتهادات دفعت بعض الشباب والمراهقين الى اساءة فهم الشريعة، وتحولوا الى ادوات هدم بدلا من ان يكونوا ادوات بناء، وكانوا ضحية لغلو لم يعرفه الاسلام.

اعادة النظر في دور الائمة والخطباء، والاهتمام بتعليمهم، وربط دعوتهم بالحياة وباحترام النفس واحترام الاخرين، هي مهمة كبرى، ولقد اثبتت تطورات العالم الاخيرة صحة ما نقول.