«حماس» والسلطة الأميركية

TT

تأخذ الادارة الأميركية على السلطة الفلسطينية اطلاقها يد المنظمات الاسلامية، لا سيما حماس والجهاد، للقيام بعمليات استشهادية ضد أهداف اسرائيلية، وتدعو قوات الأمن الى ضبط تحركات المليشيات التي توجهها الحركات التي تقاوم الاحتلال. وبصرف النظر عن وجاهة هذا المطلب، أو منطقيته، فانه يتعين على السلطة الأميركية، التي تعطي لنفسها الحق في تقديم كل دعم ممكن لاسرائيل، أن تقدم للفلسطينيين كشعب محروم من الغذاء والكساء والتعليم والرعاية الطبية دعما موازيا يعبر عن احترام واشنطن لحق المواطن الفلسطيني في حياة كريمة.

لعل الذي يغيب عن ذهن الادارة الأميركية أن هذه المنظمات أكثر فاعلية داخل المجتمع الفلسطيني في دعمها للصمود والتصدي للتعسف الاسرائيلي، وأنها تتولى ادارة حياة مئات الآلاف من العائلات، وهي التي تنظم حياة الناس العامة، فهي ترعى التعليم، وتوفر المأوى للمطرودين من منازلهم، وتؤمن الرعاية الطبية، والمواد الغذائية للمحتاجين منهم. بمعنى أنها تحولت في ظل المصاعب التي تعاني منها السلطة الفلسطينية الى جمعيات للنفع العام لا تجد في ظل ما تقوم به صعوبة في اجتذاب الأتباع، وتلقى تعاطفا من القادرين على دعمها، نظير الأعمال الانسانية، والخدمات التي تقدمها لأبناء الشعب الفلسطيني.

لقد حان الوقت لأن تتخذ الادارة الأميركية مبادرة نبيلة تجاه الشعب الفلسطيني تعبر عن احترامها لحقوقه الانسانية، وتعلن عن تقديم منحة سخية للشعب الفلسطيني، تنفق على انشاء المستشفيات وتأهيلها بالكوادر الطبية، والمعدات اللازمة، وبناء المدارس، ورعاية الأسر المحتاجة، وتحسين مستوى الحياة المعيشية داخل الأراضي الفلسطينية عبر توفير فرص عمل ملائمة في القطاعات الانتاجية مثل الزراعة والصناعات التقليدية.

عندما بدأت الولايات المتحدة حربها على الارهاب في أفغانستان وجدت أن من واجباتها تقديم معونات انسانية للشعب الأفغاني، وأعلنت عن تخصيص مبلغ 320 مليون دولار لهذا الغرض، هذا بالاضافة الى 420 مليونا أخرى ستساهم بها في أعمال إعادة تأهيل البلاد بعد طرد حركة طالبان منها. وشاهدنا الوجبات الغذائية تسقط من السماء لإطعام الجائعين على الأرض. وبعد هدوء العمليات العسكرية، شاهدنا الشاحنات تنقل أطنانا من الغذاء والدواء للآلاف ممن تقطعت بهم السبل من فوضى الحرب، ونقص الموارد.

وغني عن القول ان اسرائيل هي أكبر متلق للمعونات الأميركية، لدرجة انها تمثل عنصرا اساسيا في قدرتها على الاستمرار في احتلال اراض فلسطينية، وقمع الشعب واضطهاده، وتدمير أسباب الحياة على الأرض. ان التزام الولايات المتحدة بتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين يملي عليها العدل بين الطرفين. وطالما ان واشنطن تجد انها لا تستطيع التخلي عن انحيازها السياسي، ودعمها السخي لاسرائيل، فإن أقل واجبات التزامها يحتم عليها النظر الى واقع حياة الشعب الفلسطيني، وتحسين أوضاعه المعيشية، ومساعدته على مواجهة أسباب الفقر والتخلف التي تورث أرضية ملائمة للعنف والتعصب لن يكون تحقيق السلام ممكنا في ظلها.