محك غوانتانامو

TT

مع البدء بنقل اسرى تنظيم «القاعدة» وطالبان الى زنزانات سجن قاعدة غوانتانامو الاميركية في كوبا، تدخل معركة الولايات المتحدة ضد الارهاب مرحلة جديدة مختلفة تماما عن مرحلة المواجهات المسلحة في افغانستان. وسط حمى المعارك العسكرية في افغانستان، وعلى خلفية الجريمة المزدوجة التي ضربت الولايات المتحدة، بات الرأي العام العالمي مستعدا للتغاضي عن بعض الممارسات غير الانسانية التي ارتكبت على هذه الجبهة او تلك. ولكن الوضع تبدل جذريا منذ بدأت قوافل اسرى تنظيم «القاعدة» وطالبان بالوصول، تباعا، الى غوانتانامو، مقيدين ومكبلين ومحشورين في اقفاص لا يزيد طول كل منها عن 8 أقدام وعرضها عن 6، وتحولت انظار الرأي العام العالمي عن ساحة القتال في افغانستان الى كوبا لتلاحق ما اعتبرته منظمة العفو الدولية «وضعا غير مريح» للمعتقلين، وهو ما حمل اوثق دولتين متحالفتين مع واشنطن، اي بريطانيا واستراليا، على الاعراب عن «قلقهما» حيال طريقة نقلهم من افغانستان ومعاملتهم في سجنهم.

وغير خاف ان تصريحات وزير الدفاع الاميركي، دونالد رامسفيلد، عن ان المعتقلين «محاربون غير شرعيين» ولا تنطبق عليهم نصوص اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة «اسرى الحرب» لم تساعد على تبديد مخاوف الرأي العام العالمي من احتمال تخلي الولايات المتحدة عما عرف عنها، حتى الان، من تعلق بمبادئ العدالة في تعاملها مع معتقلي «القاعدة» وطالبان.

استمرار الغموض الاميركي في تحديد «صفة» الأسرى وتحديدا ما إذا كانوا اسرى حرب ام محاربين «غير شرعيين»، واحتمال محاكمتهم أمام محاكم عسكرية خاصة ومغلقة، لا يساعدان الولايات المتحدة على الاحتفاظ بتعاطف الرأي العام الدولي مع حربها.

ومع تصاعد حملة الانتقادات الغربية للولايات المتحدة، بات ملحا ان توضح واشنطن موقفها من معاملة الاسرى ومصيرهم كي لا يذكر التاريخ يوما ان الديمقراطية الاولى في العالم كسبت معركة اسابيع ضد الارهاب وخسرت سمعة قرون من التعلق بمبادئ العدالة الانسانية.