11 سبتمبر 2011

TT

اليوم، 11 سبتمبر 2011، يحتفي الاميركيون بالذكرى العاشرة لأول اعتداءات خارجية تستهدفهم في عقر دارهم، وسط مشاعر متفاوتة من حنين الى اجواء التسامح والحريات التي افتقدوها بعد الاعتداءات، وتأمل في حالة النفور التي خلفتها تفاعلاته حيال كل ما هو عربي واسلامي. عقد كامل انقضى على11 سبتمبر 2001 والاميركيون لم ينسوا بعد ان أول اعتداء خارجي عليهم لم يكن صنيعة دولة عظمى او حتى متوسطة القوة، بل تنظيم حزبي ارهابي يتلطى داخل حدود واحدة من اكثر دول العالم الثالث تخلفا. وما لم يغفره الاميركيون بعد هو تقصير اجهزة امنهم، رغم امكاناتها المالية والتقنية الضخمة، في رصد الاعتداءات قبل وقوعها. وإذ يقر الاميركيون اليوم ان اعتبارات الثأر طغت عام 2001 على اي اعتبار آخر، يعترف العديد منهم ـ في «نقد ذاتي» لردود فعل ادارة جورج بوش حيال الحادث ـ بان الجمهوريين «تسرعوا» في دفع الدولة الاعظم في العالم الى شن حرب كلاسيكية على دولة فقيرة بداعي القضاء على تنظيم حزبي فيها، فيما كان «احتواء» هذه الدولة ـ على غرار احتواء الاتحاد السوفياتي في عصر الحرب الباردة ـ استراتيجية كافية لاسقاط نظامها السياسي المتخلف في فترة زمنية محدودة وحملها على تسليم قادة تنظيم «القاعدة» الارهابي بنفسها... ولكانت، في الوقت ذاته، وفرت على واشنطن اتهامات جهات عديدة بارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين في افغانستان وباساءة معاملة اسرى «القاعدة» في زنزانات سجون غوانتانامو.

الا ان ابرز التداعيات التي استأثرت باهتمام المحللين والمسؤولين الاميركيين على مدى السنوات العشر المنصرمة، كانت ما أفرزته الحملة الرسمية والاعلامية على الارهاب من تحولات دستورية وسياسية داخل البلاد. وإذ يستعيد المؤرخون والمحللون مقولة الرئيس بوش الشهيرة بان «كل شيء سيتغير» بعد 11 سبتمبر 2001 يخلصون الى القول بان ما تغيّر فعلا كان وضع الولايات المتحدة وحدها، فقد تقلصت فسحة الحريات الفردية فيها وشُرّع التنصت على المكالمات الهاتفية وابيح اعتقال المشتبه فيهم اسبوعا على الاقل من دون محاكمة وتكرست مراقبة مشاورات المحامين مع موكليهم الموقوفين وكذلك اعتراض بريدهم العادي ومراقبة البريد الالكتروني فيما تُرجمت مشاعر الريبة من العرب والمسلمين الى قيود متشددة في قوانين الهجرة الى الولايات المتحدة.

ويجمع المحللون الاميركيون على ان الحصيلة الايجابية لحرب افغانستان كانت خارجية وتمثلت في بسط النفوذ الاميركي الى مناطق ظلت حكرا على النفوذ السوفياتي والروسي لغاية عام 2001، وخصوصا أوزبكستان وطاجيكستان وتركمنستان، الا انه، بالمقابل تدهورت علاقات واشنطن مع العالم العربي وحتى مع الدول المصنفة «معتدلة» بينها نتيجة تفاعل مشاعر الريبة من كل ما هو عربي واسلامي داخل المجتمع الاميركي وتحول تيار «اللاسامية» الدفين في بعض شرائحه الى تيار «لا عربي» و«لا اسلامي» واسع سهل على اللوبي الصهيوني الاستفادة من مزيد من الدعمين المالي والعسكري لاسرائيل في وقت تساءل فيه عدد محدود من المحللين السياسيين عما جنته بلادهم من مكاسب بتأييدها شبه المطلق للدولة اليهودية. ولكن قد لا تكون مجرد صدفة ان يكون تصاعد مشاعر العداء للعرب والمسلمين في الولايات المتحدة قد ترافق مع تراجع اعتمادها على النفط كمصدر اساسي للطاقة، فقد تخلت صناعة السيارات عن استعمال البترول والديزل لصالح خلايا الوقود الرخيصة والبدائل المتجددة النظيفة للوقود وسجلت التجارب تقدما ملموسا على صعيد استعمال هذه البدائل في القطاع الصناعي ايضا.