كيل أخلاقي بمكيالين

TT

جميل ان تتحرك بعض المنظمات العربية ولو باستحياء للدفاع عن حقوق الانسان في ما يتعلق بمعتقلي القاعدة الذين تم سجنهم في كوبا، ولا بد من الاعتراف بأن التحركات داخل اميركا وبريطانيا وغيرها من الدول الاوروبية تمثل عملا كبيرا، والضغط الدولي الذي وصل الى درجة السماح للصليب الاحمر الدولي بزيارة السجناء والاطمئنان عليهم هو درس عن اهمية المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان.

عتبنا على بعض المنظمات العربية التي استيقظت متأخرة لتكتشف ان هناك انتهاكا لحقوق الانسان العربي من خلال تنظيم القاعدة، بينما نامت ميتة اهل الكهف طيلة السنوات الماضية وهي ترى انتهاكات حقوق الانسان العربي من البحر الى البحر، بعضها اشتهر بالدفاع عن النظام العراقي مثلا، بينما لم يعنه مصير مئات الالوف من العراقيين المفقودين، والسجناء الذين لا يعرف احد عنهم، ولا يمكن زيارتهم حتى من ذويهم، وثلاثة ملايين في الخارج لا يستطيعون العودة الى وطنهم، وآلاف ماتوا في الشاحنات والسفن وهم يحاولون الوصول الى بلد آمن هربا من جحيم بلدهم.

سجون العديد من الدول العربية تزدحم بأصحاب الرأي الآخر، دون ان نسمع صوتا يدافع عن هؤلاء الذين لم تتح لهم حرية الدفاع عن النفس، ولا المحاكمة العادلة، وهناك قوائم من المفقودين، او الاسرى العرب لدى دول عربية اخرى يتم الحديث عنهم باستحياء.

نعم للدفاع عن حقوق السجناء العرب في كوبا، والدفاع عنهم واجب انساني واخلاقي، ومحاكمتهم بشكل عادل مطلب لا يختلف عليه عاقلان، ولكننا نطمح ان تتوسع الدائرة، فلا تعود هناك سياسة تكيل بمكيالين عندما يتعرض الانسان للاعتقال والظلم والتعذيب، فالظلم واحد، ارتكبه جندي اميركي ضد معتقل من القاعدة، او ارتكبه جندي اسرائيلي ضد طفل فلسطيني، او ارتكبه ضابط عربي في اية دولة عربية ضد صاحب رأي، او مجتهد لم يستخدم العنف ضد احد. قد يستطيع الانسان ان يعيش بنصف رئة، لكنه بالتأكيد لا يمكن للانسان ان يعيش بنصف ضمير، والشاعر العربي يقول «فما في الضمائر خمس وربع وعُشر».