اغتيال حبيقة لا ينقذ شارون

TT

لم يكن مستغربا ان تجمع مختلف الاطراف اللبنانية امس على توجيه اصبع الاتهام نحو اسرائيل فورا، وتحميلها ـ من دون تردد ـ مسؤولية اغتيال ايلي حبيقة. كما انه ليس مستغربا ان تبادر اطراف اخرى خارج لبنان ايضا الى اعتبار ان اسرائيل هي المتهم الأول في اغتيال الوزير اللبناني السابق وأحد زعماء الحرب الأهلية التي عصفت بهذا البلد. اما السبب في عدم استغراب التورط الاسرائيلي في هذا الاغتيال فيرجع الى ان اسرائيل، التي تحاول التخلص من كابوس مسؤوليتها تجاه مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا، لم تخف في الفترة الاخيرة انزعاجها الشديد مما ابداه حبيقة من استعداد للكشف عن تفاصيل كثيرة امام القضاء البلجيكي في الدعوى المرفوعة ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي، أرييل شارون، باعتباره المتهم الرئيسي بالتخطيط للمجازر وتنفيذها في المخيمين الفلسطينيين.

هذا يعني ان اسرائيل هي المستفيد الأول من اسكات ايلي حبيقة، فإذا فشلت محاولات اقناعه بالعدول عن التحدث امام القضاء البلجيكي، تكون تل ابيب الرابح الأول من تصفية الرجل جسديا. بيد ان السؤال الآن هو: هل ان النجاح في تغييب حبيقة يعني بالضرورة النجاح في انقاذ شارون من تبعات دوره في مجازر صبرا وشاتيلا، وخصوصا من احتمال ان تدينه محكمة بلجيكية؟

لقد عاد شبح صبرا وشاتيلا ليطارد شارون، وسيظل يطارده حتى بعد تصفية ايلي حبيقة ومن المؤكد ان هناك اصواتا اخرى يمكن ان تكشف اكثر الاحداث امعانا في السرية في هذه الفترة المأساوية من تاريخ لبنان.

لا شك ان اجهزة الامن اللبناني ستبذل الآن كل ما تستطيع من جهد في ملاحقة الجناة، ومن يقف وراءهم داخل لبنان، بغرض تقديمهم للعدالة. والى ان يتحقق هذا، يبقى من الضروري ألا يتخذ اغتيال حبيقة ذريعة لاشعال الفتنة في لبنان، خصوصا في ضوء الهجمة الشارونية على السلطة الفلسطينية في مناطق الحكم الذاتي، وما قد تتخذه من محاولات تستهدف توسيع رقعة الازمة كي تمتد خارج الاراضي الفلسطينية لصرف الانظار عن القضية المركزية، وهي حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

لقد استخدم لبنان طوال العقود الخمسة الماضية كعمق للصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني. ويجب ان يكون هناك تنبه من جانب الجميع الى ان شارون شخصيا لن يتردد في تصدير ازمته مع السلطة الفلسطينية الى العمق اللبناني، وهو ما يلتقي مع حقيقة ان اسرائيل كدولة لن تتردد في حرمان لبنان مما حققه خلال العقد الاخير من خطوات مهمة على طريق اعادة البناء والتعمير، بل ان تل ابيب تكسب بقدر ما تخسر بيروت اذا ما عاد لبنان الى نفق الفتنة والاغتيالات.