الصدر الأعظم

TT

«اننا نريد لبنان واحدا عربيا عصريا» ـ موسى الصدر/ 1976 ـ لبنان متاهة حسابية جاء الاستعمار بالظلم منح الموارنة الحنان فاشتكى الآخرون من اللامساواة ثم جاء الاستقلال بالكازينو ضرب وطرح وقسم فأنعم على الموارنة بالثلثين وأنعموا هم بالثلث على الآخرين فاشتكى اللبنانيون من القسمة أخذت السنة ثلاثة أخماس الثلث وتركت الخُمسين للدروز والشيعة فاشتكى الدروز من الطرح واشتكت الشيعة من الحرمان أعاد فؤاد شهاب عملية الجمع وظل يخطئ في الحساب:

«إذا كانت للشيعة حقوق فلتأخذها من السنة» وظل صائب سلام يرد على فخامة الرئيس:

«ماذا يعطي المغبون للمحروم؟!»

* خلطت الحرب الأهلية الأوراق فأعادت توزيع الأرزاق كان لبنان شركة مغفلة فصار شركة مساهمة انتهت المراهنة في الكازينو وبدأت المضاربة في البورصة احتفظ الموارنة برئاسة مجلس الإدارة وقعدت السنة في كرسي مدير الشركة واستقلت الشيعة برئاسة مجلس البلدية وبقي الدروز الكروان المغرد خارج السرب

* آمنت الشيعة بالإنتاج توالدت فتكاثرت فصارت القاسم المشترك ملأ زغب القطا ماكينة الأحزاب فانتفخت أوداج اليسار بشيعة الاحتجاج

* أرادت الشيعة تحزيب الطوائف فإذا بها «تطيِّف» الأحزاب ظهر موسى الصدر بسواد العمامة خلط العربية بلكنة عراقية فارسية فذكَّر الشيعة بحزن آل البيت سحر الشباب بوسامة الطلعة مزج الخطاب الديني بالمعاصرة فاستردهم من بيت الأحزاب عسكرهم في «أمل» لكن منعهم من الحرب صام واعتصم في المسجد ضد العنف فطمأن المسالمين وأزعج المليشيات والمتحاربين وأثار اليسار والمنظمات والمناضلين

* تقاطعت الخطوط على الصدر فكانت عروبته لبنانية الجذور وكانت ولادته ودراسته في قم وكانت شهادته في القانون المعاصر من طهران وكانت ثقافته الدينية مصقولة في النجف عايش الشاه وشايع الخميني وتسيس في لبنان سحب الطائفة من خط النار فسالمت في وجوده وحاربت في غيابه تقاطعت على جسده خطوط النار فكان ضحية لأكثر من منظمة ولأكثر من دولة جاء موسى الصدر في عصر المؤامرة وذهب طُعما للحرب الباردة

* لغز في صدر أعظم لغز في ظهوره لغز في اختفائه جاء على غير موعد واختفى على غير انتظار أيها الطليان، هاتوا السيد الغائب واحضروا قمة لبنان وعليكم الأمان ترجِّع روما الصدى: لم يبق من المسافر سوى الحقائب ما أبلغ صمت الطليان!