تفاؤل عمرو موسى

TT

لأن عمرو موسى دبلوماسي عربي محترف، ويعرف تفاصيل التفاصيل في الحياة السياسية العربية، فانني استغرب هذه اللغة المغالية في التفاؤل، التي عبر عنها في اكثر من عاصمة عربية بشأن الحالة العراقية.

ما سمعه عمرو موسى في بغداد لا يخرج عن لغة تحاول ان تتغير بالفاظها ومصطلحاتها، ولكنها لا تقدم شيئا ملموسا على ارض الواقع العملي، فمن السهل لأي سياسي ان يتحدث بأي لغة يشاء، لكن المسألة ليست مسألة كلام بل مسألة ممارسة وسلوك يومي.

يقولون في بغداد انهم وقعوا ضحية تصرف فردي من وزير خارجية العراق السابق في مؤتمر عمان الاخير، وان هذا التصرف «الاهوج» ليس هو السياسة العراقية المعتمدة، ومثل هذا الكلام يجب الا يفوت على احد اذا تذكرنا ان هناك حكما فرديا في بغداد، وانه ليس هناك اجتهادات في وزارة الخارجية العراقية او غيرها خارج اجتهاد القيادة، ويقولون انهم على استعداد «لبحث» موضوع الاسرى شريطة تشكيل لجنة عراقية كويتية سعودية تبحث عنهم، مع استبعاد بريطانيا واميركا، وهم يعرفون انه لا الكويت ولا السعودية ولا العراق ولا عمرو موسى يستطيعون تغيير قرار صادر عن مجلس الامن الدولي.

وهم يقولون انهم على استعداد «لبحث» مسألة عودة المفتشين مع الامين العام للامم المتحدة شريطة ربط عودة المفتشين برفع الحصار والكل يعلم ان هذا ليس قرار الامين العام كوفي انان، واهم من كل ذلك ان القيادة العراقية التي بدأت تدرك ولو متأخرا انها ستتعرض لضربة مميتة اذا استمر العناد، تقوم بفرض شروطها الجديدة، بدلا من تنفيذ القرارات الدولية الصريحة.

كل ما قاله العراقيون لعمرو موسى هو كلام في كلام، لن يؤخر ولن يقدم، فالسياسة ـ اية سياسة ـ يحكم عليها بالافعال لا بالاقوال، وما تفعله القيادة العراقية هو محاولة التفاف على الحقائق، ومحاولة كسب وقت، فهو امر ينم عن عدم فهم العالم بعد الحادي عشر من سبتمبر، وهو محاولة الرهان على حصان خاسر، عبر طرح «مبادرات» كلامية لا قيمة لها.

لاننا نحترم عمرو موسى، ولان نجاحه هو نجاح للعرب كلهم فاننا نتمنى ألا يفرط في التفاؤل ليس لأننا نكره التفاؤل، بل لأننا نريد له النجاح، ومن المهم ان يحدث الامين العام الجمهور العربي بلغة واضحة حتى لا يعتقد الناس ان لدى العراق جديدا ثم يفاجأون بالحقائق المرة كالمعتاد، وهو ما لا نريده للامين العام.