يتجه الملايين من المسلمين في مشارق الارض ومغاربها هذه الايام الى بيت الله الحرام، قدموا من كل فج عميق ليذكروا الله في ايام معدودات، ومع ذكرهم لله تعالى يشهدون منافع لهم. فالحج مؤتمر اسلامي كبير يشارك فيه الحجيج على اختلاف اجناسهم وتباعد بلدانهم وتباين الوانهم وتعدد أعراقهم، وحدت بينهم حقيقة الايمان وصدق الاخلاص لله سبحانه وتعالى. ومن خلال هذا المؤتمر الجامع يتعارف المسلمون ويتنافسون على التقوى ويتسابقون الى مرضات الله تعالى، طلبا لمغفرته، وكسبا لرضوانه، واملاً في جنانه. فالحج اشهر معلومات لا رفث ولا فسوق ولا جدال فيهن، ويتزود الحاج خلال هذه الرحلة الايمانية بخير زاد وهو التقوى، لقوله تعالى «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب».
ففي هذه الاشهر المعلومات يحرص الحاج على تجديد الطاعة لله سبحانه وتعالى وتوثيق العهد معه صدقا في القول واخلاصا في العمل. كما ان الحج عبادة، على الرغم من انها قُرنت بالاستطاعة، فانها تظل مدخلا من المداخل الايمانية لطاعة الله سبحانه وتعالى اذعانا لاوامره وتجنبا لنواهيه، وهي في الوقت نفسه سياحة دينية لتغذية الروح بنفحات ايمانية تجلو اي صدأ يكون قد علق بالقلب، لقوله صلى الله عليه وسلم «ان القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد»، فعليه من الضروري ان تكون هذه الرحلة الايمانية خالصة لله تعالى بقصد ان يتقبل الله هذا الحج ويجعله حجا مبرورا، جزاؤه الجنة.
ولقد هيأت الحكومة السعودية اسباب الراحة والطمأنينة لحجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بأعمال التوسعة التي شهدها الحرمان الشريفان، فأدت الى تخفيف الزحام وتفادي المضايقات ويسرت سهولة الحركة وانسيابها بين المشاعر المقدسة. وتحرص الاجهزة المعنية بشؤون الحج على تذليل كافة الصعاب من اجل راحة ضيوف الرحمن، كما انها تحرص على الاستفادة من تجارب مواسم الحج السابقة في تحسين الاداء وتقديم افضل الخدمات.
وتعمل وزارة الحج السعودية جاهدة لتنفيذ خطة موسم الحج لهذا العام، وفي الوقت نفسه تعمل الاجهزة الاخرى بذات الحماس والانضباط في تنفيذ الخطة لخدمة حجاج هذا الموسم. وقد جندت الوزارة اكثر من 60 الف شخص للقيام بهذه المهمة. اما في ما يتعلق بشكاوى الحجاج من اي تقصير في اي جانب فسيتم الاهتمام بهذه الشكاوى، والعمل على معالجة القصور او الخلل. وفي هذا الصدد، قال اياد مدني وزير الحج «ان توجيهات القيادة السعودية واضحة وصارمة في هذا الجانب، رغبة في تلبية كل ما يحتاج اليه ضيوف الرحمن في هذه الفريضة. ولقد خصصت الوزارة 21 لجنة لاستقبال الشكاوى ومعالجتها في حينها، واخطار الوزارة بما يتطلب تدخل جهات اعلى لمعالجة اية معضلة».
ومما يلفت الانتباه ان وزارة الحج نجحت في مشروع توعية الحجاج قبل قدومهم الى الاراضي المقدسة، وذلك عن طريق التنسيق مع بعثات الحج في بلدانهم، ليكون الحاج القادم لاداء الفريضة اكثر وعيا بما يجب القيام به خلال ايام الحج.