غسلا للعار (1)

TT

من المشاكل المأساوية التي اخذ يواجهها المسلمون المغتربون والتي اصبحت تساهم في تلطيخ سمعتهم في الغرب، مسألة القتل غسلا للعار. ولسوء الحظ تزامن ذلك مع افكار الثورة الجنسية عند الغربيين. اصبحت معظم العوائل المسلمة تواجه مشكلة تربية بناتها وحمايتهن من آثار الاختلاط والتسيب الجنسي حولهن. اذكر ان شابا انكليزيا صاحب زميلة لي الى محطة القطار. وعندما هم لتوديعها بقبلة على عادة الغربيين دفعته بعيدا بعنف. فقال لها مازحا: لماذا لا تعلقين على صدرك دبوسا تكتبين عليه Muslim woman don"t touch.

أدت هذه الملابسات في بعض الحالات الى مآس هزت المجتمع الغربي. كان منها ما حدث اخيرا في السويد. عندما وقعت شابة كردية بهوى شاب سويدي. منعها والدها من ذلك وحذرها. ولكن الاكراد قوم لا يركعون لردع او قمع. فواصلت علاقتها واضطر والدها الى قتلها في الاخير. لم يثر ذلك استياء السويديين وحسب بل شاركهم في الاستياء اكثر العراقيين. كان منهم القارئ الكريم علي الراوي الذي بعث اليّ بفاكس طويل يندد فيه بما جرى ويقول اننا نتهم امريكا بالازدواجية ونتناسى ازدواجيتنا. نعاقب البنت الزانية ونغفر للابن الزاني، بل ونفخر به. فهو رجّال وجدع.

ولكن الاخ الراوي يفلسف الموضوع فيقول: «هذا القمع الذي تعلمنا عليه منذ طفولتنا هو من اهم اسباب استعداد مجتمعاتنا الى تحمل الدكتاتورية. فعندما يضطهد الرجل المرأة، يضطهد الضابط جنوده، والمعلم تلامذته، والشرطي المواطنين المدنيين، وتضطهد الحكومة شعبها».

يحذر السيد الراوي من أن مثل هذا القتل العشوائي لا علاقة له بالاسلام، فهو غالبا ما يجري بمجرد الظن، وبعض الظن اثم. ويجري ايضا بحق صبيات غير متزوجات. فالظاهرة ترتبط بالعرف لا بالدين. اسوأ من ذلك انها كثيرا ما تقع لأسباب لا علاقة لها بالشرف، بل احيانا مخلة بالشرف كما لمست في احدى القضايا التي عرفتها معرفة شخصية.

كان لي زميل يدرس التمثيل في معهد الفنون الجميلة ببغداد. قتل ابنة خاله «غسلا للعار». طلب مني زيارته في السجن كصديق ولاستشارتي كمحام. شعرت بصدمة كبيرة فقد عرفته كفنان متحرر وتقدمي. كيف قام بمثل هذا العمل؟ سألته فأسرني بحقيقة الامر. قال لم يقتلها غسلا للعار، وانما هياما بها. كان يحبها حبا جما ولكنها لم تستجب لحبه، كانت تحب شخصا آخر. اصبحت المأساة برمتها مأساة غيرة وليس مسألة شرف.

هذا موضوع شائك قلما احاط الباحثون بكامل ابعاده. وبالنظر لأهميته فسأحاول ان ادلي بدلوي في الايام القادمة، لا سيما انني أتلقى رسائل عديدة في مثل هذا الموضوع. كان منها مقالة ضافية وعميقة من الاخت الفاضلة وجيهة الهويدر من المملكة العربية السعودية تبث فيها همومها وشجونها بالنسبة لوضع المرأة في العالم الثالث، بل العالم عموما. يا ليت يا اختي الفاضلة تتسع لها هذه الزاوية. لقد جرحت قلبي وأي جرح بالكلمات التي ختمت بها مقالتك: «حسبنا الله ونعم الوكيل». من ابشع انواع الظلم، كما تقولين، يريدون من المرأة ان تكون «أماً حنوناً وزوجة وفية واختا محبة وابنة بارة، مخلصة دون اعطائها ما تستحق من حقوق».

الشيء الحكيم في مقالتك هذه النظرة العالمية لاحوال المرأة في كل مكان بما فيها الغرب. كل ما هناك ان الغربية لها عبوديتها من نوع مختلف. واسمحي ان اقول لك، المرأة تستحق ما يجري لها.